هل من حل لمجلس النواب؟
الاستجابة الملكية لمطلب المعارضة والكثيرين من الموالاة، برحيل حكومة سمير الرفاعي، أغرت معارضي مجلس النواب برفع عقيرتهم بالمطالبة برحيل مجلس الـ"111" ثقة. وهم بالإضافة إلى الأحزاب التي قاطعت الانتخابات أو التي لم ينجح لها مرشح، أولئك الذين تضرروا من الانتخابات بطريقة أو بأخرى.
وجاءت زلة اللسان التي لم يكن يعنيها الرئيس (المكلف) د. معروف البخيت، والتي قال فيها ما معناه "ما يزال مبكرا الحديث عن حل مجلس النواب" لترفع من منسوب توقعات رحيل المجلس. وبدأ الحديث يدور عن السيناريوهات والتوفيق. وما دفعني للكتابة عن موضوع حل مجلس النواب الحوارات التي أجريتها مع عدد من الكتاب والصحافيين المتخصصين في الشأن البرلماني الذين يتوقعون أن لا يكمل مجلس النواب أكثر من سنتين من عمره في أحسن الأحوال. وحجتهم الأساسية أننا سنكون أمام قانون انتخاب توافقي جديد، ولا بد من السير على خطى التوافق وإشراك الإسلاميين في مجلس النواب وربما الحكومة.
أنا أخالف هؤلاء السادة الرأي، ولا أعتبر أن إرضاء الإسلاميين هدف للحكم. وسوف يشاركون في الانتخابات البلدية والمجالس المحلية ويحققون حضورا سياسيا واجتماعيا ومعنويا من خلالها، إلى أن يحين موعد الانتخابات النيابية القادمة في موعدها الدستوري.
وما سوف يصعّب على المطالبين بحل مجلس النواب مهمتهم ما هو متوقع من أداء نيابي مستقبلي يغير الانطباع الذي أُخذ عن المجلس باعتباره ظلا للحكومة. وأراهن شخصيا على أنه سيكون أكثر قوة وفاعلية من المجالس النيابية التي كان فيها للإسلاميين حضور نيابي وازن.
أما حكاية وجود قانون دائم للانتخاب يملى تطبيقه فورا، فهذا كلام ليس من السياسة في شيء.
لماذا يجب أن يطبق فورا؟ فليس هناك ما يلزم بتطبيقه "بأثر رجعي". إنه مصمم للانتخابات النيابية القادمة بغض النظر عن موعدها.
وكلنا يذكر أن الهدف من تحويل قانون الانتخاب المؤقت إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال كان بهدف إغراء الإسلاميين للعودة عن المقاطعة، وإعلان قاطع من الحكم أن قانون "الصوت الواحد" استنفد ولا يمكن السير معه وبه، وأن خيار التغيير والتبديل أصبح ممكنا.
وبالتوازي، سوف تشهد البلاد انفراجا سياسيا يستند إلى إصلاحات سياسية متوقعة، تطال قانون الانتخاب الذي بات في حكم المؤكد وبدفع قوي من الملك أن يأخذ طابع "القانون المختلط" الذي يجمع بين القائمة النسبية والدائرة الفردية، مع إلغاء الدوائر الوهمية. وهذا ما أوصت به الأجندة الوطنية وتطالب به المعارضة على اختلاف تلاوينها. وسوف يكون الجدل محصورا في حجم المقاعد المخصصة للقائمة النسبية، وهل ستكون على مستوى المحافظة أم المملكة، وأنا أرجح أن تكون على مستوى المحافظة لاعتبارات كثيرة ليس المجال لشرحها.
وسوف يطال الإصلاح سريعا جدا وبدفع من الملك أيضا، قانون الاجتماعات العامة. حيث سيدخل تعديل على القانون يلغي شرط موافقة الحاكم الإداري على الاجتماعات والمسيرات ويكتفى بإشعاره بذلك. وسوف يلي ذلك خطوات إصلاحية تشمل تشريعات عديدة جاءت في كتب التكليف السامية لحكومتي الرفاعي والبخيت.
الانفراج السياسي المتوقع ودور مجلس النواب في دعمه، سوف يضعف من قوة المطالبين بحل مجلس النواب.
بعد هذا التحليل الذي يستند إلى "المنطق"، أضع التحليل جانبا وأقول: إنني سمعت بأم أذني أن لا حل لمجلس النواب.
الغد