هل ضاق العالم ذرعا بغطرسة إسرائيل؟

هل ضاق العالم ذرعا بغطرسة إسرائيل؟
الرابط المختصر

العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، ليس سوى حلقة في مسلسل سياسات البطش والقتل والقمع والتهجير التي اتبعتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في العقود الماضية. ولا يوازي ذلك إلا الاستمرار في رفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، والمحاولات المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال سياسة التهجير المستمرة، وبناء المستوطنات، وقضم الأراضي الفلسطينية؛ فضلاً عن أن إسرائيل تتصرف خارج القانون الدولي، وترفض الاحتكام للمواثيق والاتفاقات الدولية.

العدوان الشرس على غزة هو نتيجة مباشرة لفشل جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، للتوصل إلى اتفاق سلام يلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني. وقد جاءت بشاعة العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي يرقى للتطهير القومي للفلسطينيين، وتعمُّد قتل وإصابة أكبر عدد من المدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ من جهة، وما تسطّره المقاومة الفلسطينية في غزة من بطولات وتضحيات من جهة أخرى، لتشكل مصدر إلهام لشعوب المنطقة والعالم، ولتوقظ الضمير العالمي من سُباته.

إن عودة التضامن مع الشعب الفلسطيني هي مؤشر على صحوة في الضمير العالمي، على المستويين الشعبي والرسمي. فإضافة الى مسيرات التضامن والاحتجاج على الهمجية الإسرائيلية في غزة، جاءت عبارات النقد من قبل المسؤولين الأوروبيين والأميركيين على السياسة الإسرائيلية، والسخرية من التصريحات الإسرائيلية التي تدّعي حرصها على حياة المدنيين.

الحرب على غزة والاستخدام المُفرط للقوة ضد الفلسطينيين، جاءا ليؤشرا -من دون أدنى شك- على أن إسرائيل تتصرف باعتبارها دولة "مارقة"، وأن العالم لم يعد يحتمل ما تقوم به ضد الفلسطينيين، وبدأ يضيق ذرعاً بالسياسة الإسرائيلية التي تقوم على الإنكار المنهجي لحقوق الفلسطينيين المشروعة، والإمعان في قهرهم واضطهادهم.

وجاءت هذه الحرب بعد أن فشلت العملية السلمية فشلاً ذريعاً في تحقيق أي نتائج باتجاه حل القضية الفلسطينية، لا بل على العكس؛ أصبح واضحاً أن لا نية لدى إسرائيل لقبول دولة فلسطينية بجوارها، وأن سياستها هي جعل هذا الخيار غير ممكن من خلال خلق وقائع جديدة على الأرض.

يشكل العدوان على غزة، والإفلاس الأخلاقي والسياسي الإسرائيلي، والتضامن الدولي والعربي، فرصة للقيادة الفلسطينية من أجل تغيير استراتيجيتها التي اتبعتها في العشرين عاماً المنصرمة، والتي استندت إلى المفاوضات مع الإسرائيليين. إذ يجب أن تستند الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة إلى مسارات متعددة من المقاومة السلمية للاحتلال، والعمل على زيادة المقاطعة الاقتصادية على المستوى العالمي للاستثمار والتبادل التجاري مع إسرائيل، والعودة الى الأمم المتحدة، وكسر الهيمنة الأميركية على مسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.

هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا من خلال وحدة الفصائل الفلسطينية كافة، والاستفادة من العمق العربي.

الغد

أضف تعليقك