ما بين تصريح رئيس الوزراء عبدالله النسور لفضائية العربية : "إن الانتخابات المقبلة ستكون منقوصة من دون الإسلاميين"، وتصريح نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد أن " الجماعة في ابهى صورها ولن تركب سفينة الانتخابات الهالكة" بون شاسع في التصريح السياسي، لكن يمكن قراءة ما بين السطور بشكل مختلف لكل ذوي بصيرة سياسية.
منفذان للخروج من الحالة السياسية التي وضعت في وجه الانتخابات النيابية، والقرار المتسرع بمقاطعة الانتخابات من قبل جماعة الاخوان المسلمين.
الاول: يعتمد على بعد نظر الاخوان في اعادة قراءة القرار من جديد، وهذا البعد للاسف غير موجود الآن وصعب، ولا يمكن للجماعة ممارسته بسبب عمق الخلافات بين قياداتها.
والثاني: امتحان الحكومة، والمحكمة الدستورية، في قضية بحجم حل مجلس النواب.
وبالتفصيل اقترح الآتي:
للآن لم يتم فحص قوة وجود المحكمة الدستورية في بلادنا، ولم يلمس المواطن معنى وجود محكمة دستورية، رغم وجود قرارات مشابهة عربيا في قضية مجلس الأمة الكويتي وقرار المحكمة الدستورية في الكويت ببطلان الحل، وكذلك قرار المحكمة الدستورية في مصر، التي ابطلت قرار الرئيس المصري باعادة مجلس الشعب.
من دون الاستناد الى فتوى الفقيه الدستوري د. محمد الحموري التي اجازت سحب قرار حل مجلس النواب خلال مدة 60 يوما بصفته قرارا اداريا، حيث شكك في قوتها اكثر من مرجع قانوني، ما الذي يمنع أن تبادر الحكومة بالطلب من المحكمة الدستورية تفسير المادة 74 من الدستور وإن كان حل مجلس النواب السابق غير دستوري؟ وذلك سنداً للمادة 59/2: للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء ...
وللتسهيل تنص المادة 74/1 من الدستور: إذا حل مجلس النواب لسبب ما، فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.
وبالتأكيد عندما نسَّبت الحكومة بحل مجلس النواب الخامس عشر ربما سببت قرار التنسيب للملك بحل المجلس، وربما فعلت حكومة الطراونة بتنسيبها بحل المجلس السادس عشر ايضاً.
ومع أن الدستور لا يوجب تسبيب قرار الحل إلا أن الحكومة قد تعلن طواعية عن سبب الحل كما حدث مراراً.
اذا جاء قرار المحكمة الدستورية منسجما مع التفسير بعدم جوازية حل المجلس السادس عشر، فإننا نكون قد وصلنا فعلا الى مربط الفرس في قضية الانتخابات:
اولا: إعطاء رسالة سياسية للداخل والخارج بأهمية وجود المحكمة الدستورية، وإمكانية إبطال ارادة ملكية وافقت على حل مجلس النواب، بما يقدم أكبر إشارة لإرساء دولة سيادة القانون.
وثانيا: ايجاد فرصة جديدة للحوار الحقيقي حول قانون الانتخاب، وامكانية الوصول الى قواسم مشتركة تسمح بالتوافق على قرار عام بمشاركة الجميع في الانتخابات المقبلة.
كل القراءات السياسية المحلية والعربية والدولية ترى ان الانتخابات النيابية المقبلة في الاردن، هي طريق المستقبل للاردن، شعبا ودولة ونظاما، ولا يضير في اللحظات الصعبة اتخاذ استدارات كبيرة وعميقة، تحمي البلاد، وتصون المستقبل، وترسم ملامح حقيقية للدولة العميقة.
لسنا اقل من الكويت ومصر، وشرعية النظام السياسي في الاردن عميقة إلى درجة لا تخدش بقرارات دستورية وقانونية، بل بالعكس تزيد بنياننا قوة وتماسكا. فهل نفعلها، ونفحص حقيقة المحكمة الدستورية ونوايا الدولة في الاصلاح ؟
العرب اليوم