هل بات الإسلاميون أسرى للشارع؟!

هل بات الإسلاميون أسرى للشارع؟!
الرابط المختصر

كان بودي -كما غيري- أن اسأل الحركة الاسلامية لماذا ألزمت نفسها برقم خمسين ألف متظاهر خلال المظاهرة التي تحشد لها وتأجلت من نهاية الشهر الى الخامس من الشهر المقبل؟!.

ناخبو الإخوان المسلمين يصل عددهم في بعض الدراسات الى مائة وثمانين الف صوت، وفي دراسات اخرى الى ربع مليون صوت، وهذا الرقم يأتي لاعتبارات مختلفة: الثقة في المتدين، والعلاقات التي نشأت عبر جمعية المركز الاسلامي، بالاضافة الى قوة المرشح الاجتماعية، لكنها ليست قوة سياسية يمكن توظيفها دوماً، ونقلها من الصندوق الى الشارع. ليس كل ناخب متظاهر بالضرورة.

معنى الكلام انه لا يمكن حشد خمسين الف متظاهر في يوم واحد، إلا اذا لجأ الاسلاميون لحشد اخواتنا وبناتنا والمراهقين من الحركة الاسلامية، لأنه لا عاقل شريفا يزج بعرضه وعرض غيره وبالسيدات والصبايا والطالبات والمراهقين في مظاهرة لا يعرف احد مسبقاً ماذا ستكون نتيجتها!!

ثم ان المعلومات حول تعميم يحشد حتى المرضى في المظاهرة، ويدعو لحشد الأقارب والجيران وغيرهم، ليس عملا سياسياً، لأننا لسنا في «عطوة» يتم حشد أكبر عدد ممكن لها، من باب استعراض القوة، والتهويب على الطرف الآخر.

وهل يحتمل المرضى غداً أي تدافع أو ضرب او إطلاق للغاز المسيل للدموع؟

ومن يتحمّل مسؤولية مقتل أي مريض، الذي جلبه، ام الذي لم يجلبه؟!.

ماذا لو جاء الرقم اقل من خمسين الف ؟

هل يصبح لحظتها الكلام عن فشل للاسلاميين منطقياً؟

وكيف يمكن أن تغامرالحركة الاسلامية بالرقم، في هكذا حالة، وسط ترقب كثيرين؟!.

تأجيل موعد المظاهرة من آخر الشهر الى الخامس من الشهر المقبل، يكشف ان التأجيل جاء لأحد سببين الاول: اكتشاف مشاكل لوجستية في جمع الرقم ما أدى لحاجة الحركة الى وقت اضافي.

الثاني: رغبة الإسلاميين بالتعامل مع اتصالات لشخصيات معروفة تحاول ثنيهم عن المقاطعة، وهي اتصالات اعلنها النائب فيصل الفايز و د. جواد العناني، وهذا يقول ان الاسلاميين لديهم الاستعداد لإلغاء المظاهرة اذا نجحت هذه الوساطات، وهذا يفسر التأجيل بمعنى منح الجهات الرسمية وقتاً لتقديم عرض مغر للاسلاميين.

هذا يقول ايضاً ان القصة قيد الصفقات، وهكذا فإن الذين سيتأثرون بدعوة الحركة الاسلامية لا يعرفون ان الحركة تحاول توظيف رقم الخمسين ألف لإنجاح صفقة ما، وقد يحتمل العضوالمنظم في الحركة هذه التوظيفات، لكن ما بالنا بالذي ليس عضواً في الحركة ويتأثر بدعواتها للتظاهر، وهو لا يعرف انه مجرد رقم يتم توظيفه على مائدة التفاوض؟!.

تحتار إذ تقيم الجدوى من بقاء الاسلاميين في الشارع اساساً، فقد باتوا اسرى له، وهم أمام فرصة كبرى لأخذ اربعين بالمائة من مقاعد النواب، حتى في ظل هذا القانون، وهو رقم ليس سهلا ابداً، لكنهم يخلون مقاعدهم!!.

وتلك النسبة كفيلة بفرض كل ما يريدونه تحت القبة، بخاصة أن امكانية التزوير هذه المرة منعدمة وستكون فضيحة لو جرى اي تزوير، بما يهدم سمعة الانتخابات، وهو امرلا يقدرعليه احد.

البقاء في الشارع، بات عدمياً، وها نحن نقترب من العام الثالث للبقاء في الشوارع، فماذا بعد هذا الاسلوب، وهذا يقول ان المرن سياسياً يعيد تفكيره بكل الاشياء، ولا يبقى اسيراً لقصة إذكاء الشعبية، ويعيد قراءة نبض الناس، الذين تعبوا حقاً من كل هذا الضغط من اجل نسخ الربيع العربي هنا، وهو امر انقلب عليه الاردنيون، بعد مارأوه حولنا.

كل ما نتمناه رؤية الاسلاميين في المكان الذي يستحقونه اي مجلس النواب، بدلا من الشوارع والازقة والاسواق، والذي ُيجرّب وصفة ولا تنجح، يتراجع عنها، لأن التراجع هنا، ليس ضعفاً، بقدر تعبيره عن المرونة وعمق الرؤية، واحترام الناخب ايضا الذي يريدهم ويريد التصويت لهم.

كل ما نخشاه أن تكون مقاطعة الإسلاميين تصب فقط في رصيد خصومهم.

الدستور