هل انتهت محنة الحركة الإسلامية؟

هل انتهت محنة الحركة الإسلامية؟
الرابط المختصر

الخلاف البيني الممتد والذي اقترب في أكثر من مناسبة من سيناريو تقسيم صفوف الحركة الاسلامية، دخل مرحلة الانعطاف الإيجابي بعد اختيار شخصية توافقية أمينا عاما لحزب الجبهة (حمزة منصور) أرضت التباينات السياسية داخل الحركة بشقيها الاجتماعي والسياسي المتمثل بحزب جبهة العمل الاسلامي.

حل الأزمة داخل صفوف الإسلاميين أمر إيجابي لهم وللبلد من زاوية أن تماسك الحركة الاسلامية يعزز دورها الوطني الرافد، ولأن تفككها كان سيزيد منسوب الاستشاطات السياسية وغيرها وبالتالي يصعّب التعامل والتفاهم مع كتل إسلامية مترامية ومتباينة. نقول ذلك بناء على تجربة إحدى الحكومات الاردنية في التسعينيات التي تبنت نظرية التفكيك للحركة الإسلامية، وخلق "بدائل إسلامية" متضادة إلا أن ذلك لم ينجح.

دلالات الحراك الذي خاضته الحركة الإسلامية مهمة على الصعيد الوطني، أولها أن درجة الالتزام التنظيمي ليست بالصورة التي يتوقعها كثيرون، ما يعني ضرورة الانتباه أن المواقف التي يتم تبنيها على صعيد القيادة قد لا يتم الالتزام بها على مستوى القاعدة، لأن الرابط الايديولوجي لكوادر الحزب قد لا يحول دون انصياعهم لأوامر قيادتهم السياسية. يأتي هذا على عكس الصفة العامة التي تعرّف معظم الحركات السياسية الايديولوجية، ويعني في الحالة الأردنية، ونظرا للأسلوب الديمقراطي التي تدار به الحركة الاسلامية، أن القيادات الاسلامية ستستمر بالانحياز لتوجهات القاعدة السياسية للحزب، وهي ليست بالضرورة قادرة في التأثير الكبير بالصبغة الايديولوجية العامة لهذه القاعدة. الدلالة الثانية، هي تراجع منسوب الإيثار لدى بعض قيادات الحركة الإسلامية وتزايد منسوب التنافسية السياسية لديهم، وهذا ليس عيبا، لكنه غير مألوف من الحركات الإسلامية بفحواها الايديولوجي، كما تعرّفه. الجانب الإيجابي لهذه الظاهرة يشير لتعاظم البراغماتية لدى بعض الأوساط الأسلامية، ما يعد فقدانها أهم المعضلات البنيوية، التي جعلت كثيرين متوجسين من قبول تزايد دور الحركة الإسلامية في العمل السياسي العام.

البراغماتية ظهرت، أيضا، في تأثير الانتخابات المقبلة على الانقسام وضرورات ان تقدم الحركة الاسلامية على موسم الانتخابات برشاقة ومن دون انقسام، ما سارع في قبول المختلفين داخل الحركة لضرورة التسريع بطي صفحة الخلاف.

المنطق البراغماتي يكمن في أن الحركة الإسلامية مقبلة على انتخابات ضمن قانون يضاعف قوتها السياسية، وهي انتخابات تأتي ضمن سواد حالة من السخط على أي تلاعب بالانتخابات، ما سيشكل فرصة ذهبية للإسلاميين ليسجّلوا قفزة سياسية مقدرة، ولا يجوز أن تضيع هذه الفرصة لأي أسباب خلافية بينية. طي صفحة الخلاف آنيا لا يعني أن مشاكل الحركة الاسلامية قد انتهت، والأرجح أن أهم المواضيع الجدلية المتمثلة بالعلاقة مع الدولة والعلاقة التنظيمية مع حماس ستستمر بالتفاعل.

المراقب للمشهد الوطني يعي أهمية ووطنية الحركة الاسلامية وقيمتها المضافة للحراك الوطني العام. ولهذا فجميعنا نأمل أن تعي النقاشات بين صفوف الإسلاميين حول هذه الجدليات النهايات المرجوة التي يجب أن تحتفظ بعلاقات وتقاطعات مع الدولة والمجتمع ضمن أطرها التاريخية الحساسة للخصوصية الأردنية، وأن تعي أن المسافة الواضحة والفاصلة مع حماس والتبني لمنهج يعاكس ما نهجت عليه حماس في الفترة الأخيرة هي أمور في مصلحة الجميع بما فيها الحركة الإسلامية.