هل الولاء والانتماء نقيض الإصلاح!!

هل الولاء والانتماء نقيض الإصلاح!!
الرابط المختصر

من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها بعضهم أن يجعلوا من مسألة الولاء والانتماء وسيلة لمقاومة الإصلاح, وعرقلة مسيرته في الأردن بطريقة أقرب إلى المنطق الغريب وغير المفهوم, في ظلّ الإجماع من جميع الأطراف على ضرورة الإصلاح, وضرورة الشروع الجدّي بمقاومة الفساد, وتصحيح المسار, بمنهج معقول وطريقة عملية, وبرنامج تطبيقي حاسم لا هوادة فيه, ولا حصانة فيه لفاسد مهما كبر منصبه.

إنّ نجاح مسيرة الإصلاح في الأردن يحتاج أول ما تحتاج إلى عملية إعادة بناء الثقة بين الشق الشعبي والشق الرسمي; لأنّها هي البيئة المناسبة الصالحة لاستنبات بذور الإصلاح الحقيقي المطلوب, وإعادة بناء الثقة تحتاج إلى استراتيجية واضحة تنبثق منها برامج عملية, وخطوات ميدانية مدروسة بعناية.

كما أنّ نجاح مسيرة الإصلاح حسب المقاربة الأردنية النموذجية المتميزة, التي تهدف إلى تحقيق الإصلاح بطريقة سلمية هادئة ومتدرجة, ينبغي الاتفاق القطعي على أنّ هذه المقاربة لا تنجح إلاّ باعتماد منهج الشراكة الحقيقية مع مكونات المجتمع الفاعلة وقواه السياسية الفاعلة, وهذه الشراكة لن تتم إلاّ بعد جسر الفجوة, وبناء جسور الثقة التي تحقق التعاون المطلوب.

ولذلك من الخطأ الفادح أن تعمد بعض الجهات إلى تسيير قوافل التأييد والمناصرة لصاحب القرار, أو تسيير مسيرات الولاء والانتماء التي تناقض رسالة الإصلاح, وتقاوم من يحملها بنزق وعنف وتعبئة نقيضة ضد مقولة الإصلاح, والتعبئة ضد الذين يقودون مسيرات الإصلاح, وايقاد حملة تشكيك ضدهم, وإشعال حرب إعلامية مستعرة ضد الذين ينادون بالإصلاح, وضد الذين ينادون بتحويل الأردن إلى دولة ديمقراطية حديثة.

إنّ هؤلاء الذين يعادون الإصلاح, يحاولون تغطية دخيلتهم المخبوءة بستار الولاء والانتماء لقائد الوطن, ويحاولون عرقلة مسيرة الإصلاح, والإساءة المتعمدة إلى المنادين بالإصلاح, وهم يختبئون تحت راية الولاء, وعن طريق احتكار الولاء والانتماء بطريقة فجّة.

يجب أن يعلم هؤلاء أنّهم يسيئون ولا يحسنون, من حيث أرادوا أو لم يريدوا, وسواءً قصدوا أم لا; أنّ الإصلاح مطلب رسمي وشعبي بالإجماع الصريح الذي لا يقبل السكوت.

ومن هنا, فإنّ الحلّ يكمن في تجسير الثقة بين الطرفين بطريقة مناسبة تعتمد منهج الحوار الهادئ الهادف المدروس, الذي يقوم على الاتفاق على معالم الإصلاح ومضامينه العمليّة بطريقة صريحة وواضحة وبكل شفافية.

إنّ الاختباء خلف الشعارات العامّة, واعتماد منهج تفريق المجتمع وتفكيكه, وإثارة مكامن الاختلاف حول الإصلاح, وتصوير الإصلاح أنّه يلحق الضرر بفئات كبيرة, واللجوء إلى الحرب الإعلاميّة لتشويه صورة الإصلاحيين, كل ذلك يؤدي إلى نتائج خطرة ويمزق المجتمع, ويغذّي الكراهية بين الفرقاء, ممّا يهيئ إلى عنف مجتمعي غير محمود.

نحن في الأردن قادرون على اجتراح معادلة إصلاح حقيقي عن طريق الاتفاق والمشاركة والتعاون وبناء الثقة المتبادلة, وذلك تحت عنوان صريح: نحو إصلاح حقيقي يؤدي إلى بناء دولة الأردن المدنية الديمقراطية الحديثة, بطريقة سلمية هادئة ومتدرجة, وبمشاركة جميع الأطراف, ودون استبعاد أي طرف, فهذا يحتاج إلى حوارٍ وتفاهم, وليس إلى تعبئة وتحريض وتقسيم الأردن إلى قيس ويمن, وبذر بذور العنف التي سنتضرر منها جميعاً, وتذهب بنا إلى مستقبلٍ مجهول!!.

العرب اليوم

أضف تعليقك