هذا الفساد في الأمانة والبلديات !
يتوالى الكشف خلال الاونة الاخيرة عن حالات فساد كثيرة بعضها من ذات الوزن الثقيل والبعض الاخر من الحجم المتوسط او حتى الخفيف, لكنها في محصلة الامر هي الفساد والافساد بعينه ايا كان نوعه وقياسه, ما دام يرتكز على استغلال السلطة والمنصب العام لتحقيق مكاسب شخصية او فئوية او تنفيع الاقارب والمحاسيب والازلام على حساب المال العام, مما اودى بما لا يحصى حتى الان من الملايين في غير اهدافها النضيفة, وحولها الى ثراء غير مشروع يدفع ثمنه الوطن والمواطن من مديونية وعجز قياسي لم يسبق له مثيل.!
يؤكد رئيس هيئة مكافحة الفساد في حوار قبل ايام انه رغم ان الاردن يعتبر من الدول المبادرة الى جهود مكافحة هذه الافة الخطيرة, من خلال ارساء منظومة تشريعية لضمان النزاهة في العمل العام, الا ان هذه الظاهرة تتفاقم على نحو غير معهود يحتاج الى تحليل وتفسير ومراجعة للثغرات القانونية التي يستثمرها او ينفذ منها الفاسدون الذين يستندون الى ضعف في القيم الاخلاقية وغياب لقواعد المساءلة, مما يستهدف تفويض مبادئ الحاكمية الرشيدة, واحباط اماني وطموحات المواطنين في ان تذهب الاموال العامة في طرقها المشروعة ! .
اساءة استخدام السلطة تحظى بما نسبته 41% من قضايا الفساد التي يتم اكتشافها, واذا ما كان الكثير منها مطروحا منذ مدة امام الرأي العام, فان ما هو جديد يطال امانة عمان الكبرى والعديد من البلديات في مختلف المحافظات والالوية, حيث احالت لجنة التحقيق النيابية مؤخرا بعض ملفات شبهات الفساد المتعلقة باعمال الامانة الى مجلس الوزراء لاتخاذ الاجراءات اللازمة بشأنها في حين قرر وزير الشؤون البلدية احالة ملفين لكل من بلديتي الحسا والجنيد لهيئة مكافحة الفساد حتى يتم التحقيق فيهما, هذا من ضمن قضايا بلدية كثيرة لا تزال منظورة امام جهات التحقيق ولم يتم البت فيها, ومنها ثلاثمئة قضية فساد في بلدية واحدة ! .
ما يحدث في امانة عمان والبلديات من حالات فساد اذا ما تم اثباتها, تعني ان مئات الملايين من الدنانير التي تشكل موازنات الامانة والمجالس البلدية الاخرى يتم تحصيلها من المواطنين, لكن الكثير منها لا ينفق في الغايات الخدمية التي باتت تتردى شيئا فشيئا بل تطاله شبهات الفساد البينة, وهذا ما يعتبر من الاسباب الرئيسية التي حولت امانة عمان الكبرى الى جهة رسمية ذات مديونية عالية خلال السنوات الاخيرة واوصلت ديون البلديات الاخرى الى اكثر من مئة مليون دينار مع ان الحكومة قامت بتسديد سبعين مليونا منها الا ان الاوضاع في طريقها الى المزيد من الازمات المالية وفقا لضياع اموالها في غير مواضعها الحقيقية ! .
امام هذا الواقع الذي يأتي على اعتاب اجراء انتخابات شاملة لمجلس امانة عمان الكبرى والبلديات في جميع المناطق خلال الفترة القادمة, فان وقائع الفساد بكل تفاصيلها يفترض ان تكون في اعتبار الحكومة وهي تقوم حاليا باعادة النظر في قانون البلديات لوضع مشروع جديد ستجري العملية الانتخابية وفقا له, من اجل تدارس كافة النصوص التي ينفذ منها من يتولون مسؤولية الامانة والمجالس المحلية واغلاق الثغرات الواردة فيها, مع تشديد المراقبة على المال العام لضمان انفاقه في غايات تبتعد فيه عن الضياع والهدر في الفساد والافساد البلدي المتراكم ! .
العرب اليوم