نواب خدمات أم برامج؟
في ظل غياب الحياة السياسية الحقيقية ومشاركة فاعلة من قوى المجتمع ومؤسساته واحزابه يطفو على سطح البرلمان نائب الخدمات الذي طالما كان مقلقا للجهات الرسمية بطلباته الخدمية التي لا تنتهي.
في المجتمع ظهر جليا ان النائب الخدمي الذي يستطيع الضغط على المسؤول وابتزازه ويعين مراسلين هنا وهناك ويفتح شوارع ويوجه الموازنة لبناء مدرسة او مركز صحي هو النائب الفاعل والقوي الذي يحسب له الف حساب.
النائب الخدمي يزداد دوره في المجتمع وتأثيره على الحكومة ليس من خلال برنامجه الانتخابي وشعاراته السياسية والاقتصادية, بل من ايمان قاعدته الانتخابية بقدرته على الوصول للمسؤول والضغط عليه بمختلف الوسائل حتى لو كان جزء منها مخالفا للقانون.
الحكومات بدورها ساهمت بتعزيز حالة الفراغ السياسي في المجتمع وشوهت عمل النائب من خلال سياسة الترضية التي اتبعتها والاعطيات التي منحتها للنواب في صفقات مشبوهة ما زال الاردنيون يدفعون ثمنها لغاية الآن لذلك يتطلع الكل الى ان تكون مدونة سلوك العمل النيابي التي تعدها الحكومة حجر الزاوية لانطلاقة جديدة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة, خاصة مع الغاء حزمة الامتيازات المالية والتقاعدية للنواب الجدد والذي من الممكن ان يدفع النواب لاداء اكثر شراسة من قبلهم لانه من الناحية النظرية يدفع باستقلالهم, لكن من الناحية العملية حرمهم من مكتسبات, وبالتالي سيبحثون عن وسائل اخرى لتحصيلها.
المؤشرات الاولية تدلل على انه لن يكون هناك تغيير على اداء النائب, لا بل قد ترتفع وتيرة العمل النيابي الخدماتي في مجلس النواب المقبل, لعل لهذا اسباب منطقية ابرزها ان قانون الانتخابات الجديد ما زال بعيدا في اهدافه عن اعطاء دور حقيقي وكبير للاحزاب, ولغاية الان لم تنجح اية تجربة حزبية في المملكة باستثناء ما حققه الاسلاميون, لذلك فان الاتجاه العام هو مواصلة ظهور النائب المناطقي والعشائري وبالتالي الخدماتي.
الوضع الاقتصادي المتدهور والامن المعيشي المقلق لشريحة واسعة من المجتمع يحدان من ظهور نواب برامج, وسيكون نواب الخدمات هم في المشهد الانتخابي, لان القاعدة الانتخابية بحاجة الى نواب قادرين على اخذ مكتسبات تنموية خدمية من الحكومة لصالحهم باي ثمن ممكن.
للاسف ما زال دور مجلس النواب مغيبا في الكثير من القضايا التي تتطلب رقابة وتقييما مستمرين, والصورة عند الشارع العام ان النائب يخدم مصالحه الشخصية اولا ثم ينتقل الى اقاربه بالدرجة الاولى ومعارفه ثانيا. في النهاية لم نعد نرى ان هناك نائبا للوطن, بعد ان تغيرت الاحتياجات والقضايا والاولويات