نفط ايراني..مقابل ماذا ؟

نفط ايراني..مقابل ماذا ؟
الرابط المختصر

منذ سنوات وايران تسعى الى تطبيع علاقاتها الاقتصادية مع الاردن بشتى الوسائل ، وصولا الى اختراق سياسي يعيد تنظيم علاقاتها في المنطقة وفق تحالفات جديدة لتغير من قواعد اللعبة في اقليم تشوبه الاضطرابات السياسية الحادة .

العرض الايراني الاخير بتقديم النفط الى المملكة لمدة 30 عاما مقابل تسهيل عمليات التبادل الاقتصادي والسياحي بين البلدين فيه تساؤلات كبيرة خاصة انه جاء في وقت يمر به الاقتصاد الوطني بمنعطف خطير في ظل تقلبات حادة ، تشهدها البيئة الداخلية والخارجية.

من الناحية النظرية وكما يرى بعض المحللين الاقتصاديين الذين لا يدققون سوى بالارقام دون النظر الى ما خلف تلك الارقام من تداعيات فان العرض الايراني فيه فرصة لفتح آفاق جديدة امام الاقتصاد الوطني .

لا يمكن فصل العرض الايراني الاقتصادي عن الجانب السياسي المخفي من وراء هذا التصريح الخطير للسفير الايراني في عمان ، فايران تريد ان تقترب اكثر من العمق العربي بدلا من اللعب على الاطراف ومحاولات متكررة في التدخل بالشؤون الداخلية لدول المنطقة وكسر التقليد والعرف المتعلق بالجمود السياسي تجاه طهران .

العرض الايراني جاء في وقت تأخر المساعدات العربية للمملكة ، واخص بالذكر المنح الخليجية الاستثنائية التي كانت ومازالت صمام أمان الاستقرار الاقتصادي للمملكة ، وعلى ضوء ارتفاع حالة الاحتقان الشعبي واستياء العامة مما يحدث على صعيد الاقتصاد، وقيام الحكومة باتخاذ قرارات غير شعبية ، فان الفرصة مواتية للنظام الايراني في تشكيل جبهة اختراق جديدة مستغلة المشاهد السابقة وحالة الاحباط السائدة في الشارع، من خلال عرض يبدو للوهلة الاولى مغر للغاية.

جرأة العرض الايراني تاتي على اعقاب تعثر انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي ، وبالتالي طهران تقدم نفسها حليفا جديدا للاردن في هذه الاوقات الصعبة، مستغلة الوضع الاقتصادي والسياسي غير الواضح مع دول الخليج العربي.

الايرانيون بتدخلاتهم التي لا تنقطع في شؤون العديد من الدول الخليجية تتطلع بشغف الى مواصلة مد نفوذها في المنطقة ابتداء من العراق وامتدادا الى بلاد الشام ذات الاغلبية السنية المحيطة بها تجمعات شيعية ، فالتحالف الجديد هو زيادة الامتداد الشيعي في المناطق غير التقليدية لنفوذ تلك الطائفة في المنطقة .

ومع ازدياد الضغط على النظام السوري الحليف الاساسي لطهران تسعى ايران جاهدة الى اعادة ترتيب اوراق لتمكين حليفها في دمشق بالصمود اكبر وقت ممكن تجاه الثورة الشعبية هناك ، حتى يتسنى لها اقامة بؤر مساندة له من خلال تشكيل جيوب ضغط على الدول الرئيسية في المنطقة لتغيير مواقفها تجاه النظام السوري ، والاردن احدى تلك الدول الرئيسية في المنطقة التي ترفض التدخل في الشؤون السورية .

العرض الايراني هو مكيدة سياسية بامتياز ، من المؤكد انه لن يمر على الحكومة مرور الكرام ، ففي النهاية هناك مؤسسات معنية بهذا الملف وتعي جيدا خطورة العرض الايراني ، لكن المشكلة قد تكمن فيما اذا فكرت بعض الفئات بالعرض جديا والتعلق به اقتصاديا ، حينها سيكون للامر تداعيات خطيرة ليس فقط سياسية بل اقتصادية بالدرجة الاولى.

الرأي