نتنياهو في عمان لماذا؟

نتنياهو في عمان لماذا؟
الرابط المختصر

بلغت الأمور حدودها التصعيدية عندما زار نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، اسرائيل مؤخرا، وما رافق تلك الزيارة من احداث واستفزازت، وما تبع تلك المرحلة من تصريحات أردنية دللت بوضوح على انحدار العلاقة مع اسرائيل سياسيا الى حدود غير مسبوقة.

تلك المرحلة شهدت أيضا أسوأ علاقات لاسرائيل مع حلفائها وجيرانها الاستراتيجيين، وكانت كثير من التحليلات الاسرائيلية قد خلصت إلى أن تردي هذه العلاقات كان في كثير من الأحيان بسبب سلوكيات وتصريحات اسرائيلية غير مدروسة وعشوائية واستخفافية كان يمكن تجنبها، والحفاظ بالتالي على علاقات جيدة مع دول مهمة مثل تركيا والأردن وأميركا.

 اسرائيل خسرت علاقاتها مع أميركا بسبب إعلان استفزازي عن بناء مستوطنات في توقيت حساس، وخسرت علاقاتها مع تركيا بسبب عدم اتباعها للقانون الدولي في التعامل مع السفن التركية التي تحمل مساعدات إنسانية، وخسرت علاقاتها مع الأردن بسبب غياب الاتصال وعدم اخذ المصالح والحساسيات الأردنية على محمل الجد.

كل ذلك كان يمكن تجنبه لو أن صانع القرار في الحكومة الاسرائيلية أظهر مزيدا من الحساسية والانتباه لتداعيات هذه المواقف والقرارات. نتنياهو أدرك ذلك، فيما يبدو، وبدأ يشعر بعزلة بعدما بدأت عواصم القرار العالمي تهتم بوزير دفاع اسرائيل أكثر من اهتمامها برئيس وزرائها، وتباعا عاد عن سلوكيات وتصريحات عزلته وعزلت حكومته، وبدأ يقول ويتصرف بما يريد العالم ان يسمع ويتوقع منه ومن إسرائيل بلده المدعومة بقوة من المجتمع الدولي.

بالتزامن مع ذلك، كانت هناك محاولات سياسية من طرفه لتقريب المسافة السياسية بينه وبين الدول التي أثار حفيظتها ضده، فكانت المراسيل بينه وبين أوباما وتلك مع الأردن، وأخرى لم تنجح إلى الآن مع تركيا.

الهدوء واليقظة الدبلوماسية التي أبداها نتنياهو أثمرت، وظهرت بوادر إيجابية تمثلت بتصريحات دافئة بين أوباما ونتنياهو، تكللت بزيارة ناجحة للأخير للبيت الأبيض، ومن ثم زيارته إلى الأردن التي لم تكن متوقعة في ظل البرود الذي ساد في العلاقة بين البلدين.

ضمن هذا السياق لتطور الأحداث نفهم زيارة نتنياهو لعمان، ونعتقد أنه وبالرغم من كل الاستفزازات والتطاولات الدبلوماسية السابقة، والتي دفعت حتى المحسوبين على الواقعية والعقلانية في التعاطي بين الدول لمقت ذلك وفقدان الأمل فيه، إلا أن مصلحة البلدين تكمن في الحفاظ على قنوات تواصل وتشاور بما يحقق مصالحهما المشتركة.

عودة نتنياهو لخط العقل السياسي أمر جيد وبنّاء ومفيد للإقليم، وقد كان فقدان ذلك في السابق السبب الأهم لعدم تقدم مسار التفاوض والتسوية بالرغم من أن الأطراف الأخرى كافة، بما فيها الولايات المتحدة، كانت مستعدة وملتزمة ومندمجة في العملية وراغبة في إنجاحها.

على الرغم من ذلك، فيجب التأكيد إنه من المبكر الحكم فيما إذا كان نتنياهو قد أحدث تحولا استراتيجيا في تفكيره ومنهج عمله أم أنه فقط يفعل ذلك ليخرج إسرائيل من عزلتها، وهو بالنهاية يبقى شريكا سياسيا لا يمكن الاعتماد عليه يبتاع الوقت، ولا يهتم للسطور التي ستكتب عنه في صفحات التاريخ.