من الاعتصام إلى حرية الإعلام

من الاعتصام إلى حرية الإعلام
الرابط المختصر

بداية، لا أعتقد أن ثمة بقية من ظرفيات الحكومة والأمن العام تفسر ما جرى في ساحة النخيل قبل أسبوع. لكن الثابت أن الخطأ حوّل الأمر عن جوهر الاعتصام إلى منحى الحرية ووجوب صونها، وهذا قد يكون من إيجابيات أخطاء الحكومة.
لقاء جلالة الملك حال عودته إلى الوطن مع نقيب الصحافيين مؤشر على أهمية صون حرية الصحافة من جهة، وهو يُظهر من جهة أخرى حجم الاستياء الملكي من الموقف الذي حصل في ساحة النخيل.
المشهد ببساطة لا يحتاج إلى جهد في التفسير والتحليل؛ هناك عدم قناعة بمبررات الحكومة وأجهزتها التي حاولت تقديم رواية تحافظ على ماء وجهها لكنها فشلت في إقناع الناس بها. وكيف لها أن تقوم بذلك ونحن نرى ونسمع الارتباك في مواقف وزير الداخلية والناطق الإعلامي باسم الحكومة، ومعهم مدير الأمن العام! وهو ارتباك لا يمكن له أن ينجح بهداية الناس وكفهم عن الشارع والعودة للبيوت.
بعضهم قال على شاشة التلفزيون الأردني إنه يتحمل المسؤولية كون الأمر من اختصاص وزارته، وبعضهم نحَا باللائمة على عدم تقدير الموقف بصورة عادلة من قبل وسائل الإعلام، وأنه لن يسمح بالمس بكرامة الأمن العام الذي جميعنا نحترمه. لكن التستر وراء كرامة الأمن والمس بها أمر غير مقبول لأن هذا دليل وهن، كما أن أي أخطاء من المتظاهرين والإعلاميين الذين يهددون بقواعدهم العشائرية، وأي هتافات استفزازية، هي بمثابة الذنب والسقوط من أبواب المهنية والأخلاق معا.
محاولة تخدير الناس بأن هذا المسؤول أو ذاك يتحمل المسؤولية لا فائدة منها؛ لأننا على أرض الواقع لا نجد مسؤولين يحسنون تقدير الموقف، وهناك اضطراب وتعدد في الصلاحيات والمرجعيات إذا ما استمرت ستفضي إلى مزيد من الارتباك. المهم في الحديث عن الحرية ولقاء الملك بنقيب الصحافيين، التركيزعلى أولوية اللقاء الذي توفر لنقيب الصحافيين ليقدم رؤيته ويبين ما جرى بشكل شفاف ودونما تجميل.
النقيب تحدث عن مشاهداته وحاول تفسير الموقف، والكل أجمع على محاسبة المتسببين في الاعتداء على الصحافيين، وعلى أن ما حصل شكل إساءة لنهج الأردن ومسار الحرية والإصلاح فيه. كذلك، تحدث الملك عن ضرورة توخي الإعلام للمهنية والدقة، وفي هذا الصدد بيّن نقيب الصحافيين أن بعض الإعلام الرسمي من الإذاعات ساهم في خلق حالة توتر وإطلاق دعوات تمس الوحدة الوطنية.
هكذا موقف يشي بأمرين؛ أولهما عدم وجود مطبخ سياسي وعقل يفصل بين حق الناس بالدعوة للإصلاح مع إيمانهم بشرعية النظام وأهمية الحفاظ على الدولة، والثاني ارتباك في العقل الحكومي، وهو ليس وليد اليوم وإنما يتكرر كلما حصلت أزمة، ما يفقد الحكومة التوازن ويضعف روايتها ويجعلها تصطف من أجل الدفاع عن صواب قراراتها.

الغد