من أين لك هذا؟ ..الشعار والقانون والواقع

من أين لك هذا؟ ..الشعار والقانون والواقع

كل الحكومات لدينا تتحدث في برامجها عن محاربة الفساد ، ما من حكومة تأتي الا وتفتح شهيتنا حول الفساد ومحاربته.

قانونيا.. التشريعات غير كافية. نريد بشكل واضح اصدار تشريع وقانون تحت عنوان من اين لك هذا. التشريع كان مطروحا الا انه تم تجميده ، وغاب في ادارج السلطة التشريعية. محاربة الفساد بشكل حقيقي يجب ان تخضع لهذا السؤال ، لا انتظار هذا او ذاك حتى يسقط في خطأ فتتم محاسبته ، ومعاقبته او تبرئته لاحقا. حين تتفقد اسماء عشرات الذين تولوا مواقع المسؤولية في فترات مختلفة ، وتجمع رواتبهم ومياوماتهم ، خلال ثلاثين سنة من الخدمة العامة ، تكتشف انها لا تعادل ثمن سيارة الابن الاصغر لهذا المسؤول السابق او ذاك.

الحديث عن الفساد بشكل مفتوح له نتائج سلبية. اذ ان احدى سلبياته الكبيرة تلطيخ سمعة كل من تولى موقعا ، ويصبح بحاجة الى البراءة في عيون الناس. لا مصلحة لنا في تكسير كل الاسماء ، بحيث يختفي الكفيل الاجتماعي الذي يفيد الدولة في اطفاء الحرائق والحوار مع المجتمع في ظروف مختلفة.

كلنا نتحدث عن الفساد. نعرف في حياتنا كثرة كانت لا تجد رغيف الخبز. اليوم لديها اراضْ قيمتها بملايين الدنانير. ولديها مزارع وفلل وحسابات داخل الاردن وخارجه ، بالملايين ايضا. من اين لهم هذا. هل هذا من عرق الجبين؟.

الاردن كان بكرا. معظم من فيه ، نحن وانتم ، محدودو الدخل ، محدودو الموارد. اليوم لا يمكن تبرير اي ثروة ما لم يكن مصدرها بيع "ورثة الوالد" او الغربة والاغتراب ، او المتاجرة على المدى الطويل. بغير ذلك تتناسل الاسئلة حول الاثرياء الجدد في الاردن ، من طبقة الموظفين وطبقة غير الموظفين. لدينا طبقة جديدة نشأت ليست لها علاقة بالطبقة التي نعرفها والتي نشأت في وسط البلد ، او في اربد او الكرك. من اين لهم هذا؟،. سؤال لا ينبني على ارضية الحسد والتحاسد. وانما يأتي شرعيا لتبرير اختفاء الطبقة الوسطى ، وفرز البلد الى طبقتين.

يبقى السؤال مفتوحا ، ونبقى نقول كما قال سعد زغلول لزوجته صفية.. حين عاد متعبا مهموما وارتمى في فراشه وقال لها جملة ذهبت مثلا في مصر والعالم العربي "غطيني ياصفية وصّوتي ، ما فيش فايدة".

ما اثقل لحافك يا صفية.

 

أضف تعليقك