من يعطل الانتخابات ليس "الإخوان" فقط
لا تخطئ الملاحظة العامة بأن ثمة قوى وقطاعات سياسية كثيرة ومؤثرة، تعمل بفاعلية واقتدار على إفشال الانتخابات.
ولا أدري إن كان الصديق العزيز الأستاذ سميح المعايطة، الوزير والناطق الرسمي باسم الحكومة، يقصد آخرين غير الإخوان المسلمين عندما قال هناك قوى منظمة تعمل على إفشال الانتخابات، ولكن لو سألنا ببساطة من يتضرر من الانتخابات القادمة؟
ومن له مصلحة في تعطيلها أو تأجيلها، أو تنظيمها على نحو غير عادل؟ أو تساءلنا عن سر البطء/ الإبطاء في إجراء الانتخابات، ومن يمكن أن ينجح أو يفشل لو أجريت انتخابات عادلة (الانتخابات العادلة هي التي تجرى وفق القانون من غير خرق)، ومن القادمون ومن الراحلون في مرحلة الإصلاح السياسي؟
سنجد أن أعداء الانتخابات ومعطليها هم طبقات سياسية متنفذة ومؤثرة محسوبة على الدولة؛ وليسوا دعاة المقاطعة من المعارضة السياسية، بل إن هؤلاء هم الأكثر تضررا من المقاطعة.
إن الحقيقة الأساسية الجاثمة مثل صخرة لا يمكن زحزحتها أبدا، هي أن المرحلة القادمة لا يمكن عبورها إلا بقيادات سياسية واجتماعية منتخبة انتخابا عادلا، وأن النظام السياسي لم يعد قادرا على احتمال نخب وقيادات سياسية وأصحاب مناصب رفيعة غير مؤثرين في المجتمع؛ فما فائدة "عين" من محافظة لا يملك قبولا فيها، ولا تأثيرا على الطبقات الاجتماعية والناشطة في المحافظة؟
وما فائدة وزير "لا يمون" في إدارة الأحداث والحوار والتفاعل مع الناس، إلا على مجموعات من الشباب المنفرين والمسيئين للنظام السياسي (وهذا أقل وصف يمكن أن يطلق عليهم)؟
وما أهمية أصحاب مناصب عليا ومنتفعين حتى التخمة من الدولة، ولا يملكون علاقة فاعلة ومؤثرة مع المثقفين والمهنيين والناشطين الاجتماعيين والسياسيين، ولا يشاركون في ندوة أو فاعلية، ولا يرون إلا في أماكن ومناسبات مترفة يفترض أن دخلهم الرسمي مهما كان مرتفعا لا يكفي لتغطية نفقاتها؟
الدولة في مشروعها السياسي القادم لا تحتاج إلى طبقات معزولة غير مقبولة اجتماعيا، تحيط بها السوابق والشبهات. وبطبيعة الحال، فإنها مجموعات وقوى تدرك تماما (فهذا هو المجال الوحيد الذي تملك فيه ذكاء متقدما ودهاء منقطع النظير وكفاءة عالية) أن بقاءها يعتمد على غياب الانتخابات أو تزويرها.
ولهذا السبب، يمكن ببساطة تفسير غياب عمليات الاتصال والتنسيق والتنظيم للتسجيل للانتخابات التي يديرها قادة سياسيون واجتماعيون ومرشحون مفترضون. أتحدث بالطبع عن أنشطة قانونية، وليس عن انتهاك القوانين ولا عن تسجيل غير قانوني.
ونحن ندرك ببساطة أن عمليات التسجيل والإقبال عليها لا يمكن أن تأخذ إقبالا كبيرا من غير حماس المرشحين المفترضين، والقادة السياسيين والاجتماعيين؛ ففي ثقافة النفور من المؤسسات الحكومية، نزهد حتى في استلام النقود إن كان الحصول عليها يقتضي مراجعة دائرة حكومية.
الغد