منتصف الليلة تأخرَ القلبُ 60 نبضة!

منتصف الليلة تأخرَ القلبُ 60 نبضة!
الرابط المختصر

p dir=rtlهذا الصباحُ سيضطربُ مزاجُ الناس قليلا؛ فالشابُ يتذمَّر لأنه استفاقَ ساعة أبكرَ من موعده المعتاد في الواحدة ظهرا، والأختُ تقرِّعُ أخاها الصغير الذي فاته تذكيرها بموعد إعادة المسلسل التركيِّ الرومانسي، والأب يلعنُ الوقتَ الذي أربَكه وجعله يذهب إلى صلاة الجمعة متأخرا بمقدار خطبة الإمام الحكَّاء، والأم يتكدَّرُ مزاجها لأنَّ وجبة الغداء تأخرت اليوم، ساعة كاملة!/p
p dir=rtlوكلُّ أناس لهم حكاياتهم الساذجة مع فرق التوقيت من فصل إلى فصل؛ لكنَّ كلَّ الناس يتفقون على أنهم يستثمرون، منذ الليلة، تأخر الساعة ستين دقيقة.. في النوم؛ فماذا يفعلُ الأزواج المتقاعسون بساعة ليل إضافية؟!/p
p dir=rtlوأنا وأنتِ، أو أنتِ وأنا، اتفقنا منذُ أنْ تواطأ التاريخُ المعاصر والجغرافيا الليِّنة، على أنْ يجمعانا سويَّة على مساحة قطرين شقيقين، أنّّنا نختلفُ عن الناس بكلِّ ردود الأفعال على كلِّ الأشياء التي تحدثُ، أو نحدثها؛ فاليوم لن يضطربَ مزاجي؛ لأنَّ الساعة تأخرت ستين دقيقة، فقد اعتدتُ بالأصل الصحو باكرا حتى أشاهد كل أحوال اليوم على عينيكِ، والمسلسل التركيُّ الرومانسي يتوقف في فاصل طويل حتى يقتبسَ منا مجرى حكايته، وقلبكِ المؤمن يحثني على الصلاة في كلِّ وقت، ولو تأخرَ الغداء ستين يوما لما نقصَ حبُّنا شيئا من تخمته العفيَّة!/p
p dir=rtlالناسُ، أو بعضهم، قد يبتهجون لأنَّ العقاربَ عادت ساعة إلى الوراء؛ فهذا يُتيحُ لهم توفيرا للطاقة (إنْ صدَّقوا البيان الرسميَّ المكرور) لكنني أكثر ابتهاجا؛ بل إنني أتمنى لو يعودُ الزمان بأكمله بعيدا في الوراء، فقد يُتيحُ لي ذلك أنْ أعيدَ ترتيبَ المسلمات../p
p dir=rtl..وعرفتُ، حين قرأتُ كثيرا في التاريخ، أنَّ الشعراءَ الرديئين كانوا يجهلونكِ تماما، والعاديين قرأوا سطورا متباعدة عن فتنتكِ، والجيدين انتبهوا متأخرا لمروركِ السريع في المدينة. العظيم هو الذي كان هامشيا قبل أنْ يصافحكِ بود بالغ؛ فقط صافحكِ وتسنى له منكِ نظرة لا معنى محددا لها.. لكنه اجتهدَ في تفسيرها، ولما قرأ كلَّ احتمالاتها جمَعَها في كتاب هو اليوم ديوان العرب!/p
p dir=rtlأودُّ العودة أكثر، بمقدار عصرين حداثيين للشعر على الأقل، علني أستطيعُ تهجئة كلام الحبِّ، وسأقول في البداية شيئا ركيكا على هذا النحو: لو أنَّ لي ألفَ إصبع، لردَّدْتُ باعتداد وراءَ الشاعر:عدِّي على أصابع اليدين ما يأتي؛ فأولا حبيبتي أنتِ، وثانيا حبيبتي أنتِ...، وألفين وعشرة حبيبتي أنتِ!/p
p dir=rtl..وقد أغني لحنا شرقيا أصيلا على تخت وتري؛ فأنا منذ كنتُ يافعا في صورة بالأبيض والأسود في الألبوم الملوَّن، أحلمُ بالغناء، وأنْ أقولَ بلدغة الرَّاءِ التي تحبينَها:ياروحَ الروح!/p
p dir=rtlالساعة تأخرت هذا اليوم، والنهار تقلص مثل شعر البنات في فم البنت الصغيرة، والليلُ طويـــــل؛ وطويلٌ لكنه، بكلِّ عتمته الكثيفة، بالكاد يكفي لأول الشوق بين عاشقين تأخرا ساعة كاملة عن الحب!/p
p dir=rtlيحبُّ الناسُ لعبة الوقت، كلَّ فصل يقدِّمونَ ساعة، ويتأخرون مثلها، يُفرحُ ذلك الصغار، ويتيحُ لهم رصْدَ حركة الزمان إلى الأمام، ويُكدِّرُ خاطرَ الكبار الذين يتمنون العودة خطوة واحدة إلى الأمان، ولدى بعضهم مآرب أخرى. بالنسبة لي أفضِّلُ أنْ يتأخرَ قلبي 60 نبضة منتصف هذه الليلة، أريدُ أن أباغتكِ بحبي من أوله؛ فمثل زغب يدكِ.. كلما نزعتني أنبتُ بإلحاح أكبر!/p
p dir=rtlتأخرتُ كثيرا عنكِ؛ فأنتِ قبلي بحياة كاملة وعليَّ أنْ أركضَ زمنا في كلِّ جزء من الثانية علني أبلغكِ؛ فاليوم، حتى ولو تأخرت الساعة ستين دقيقة، فقد أتمَمْتُ ألف سنة عاطفية بحبِّ امرأة تكبرني حكمة!/p
p dir=rtlspan style=color: #ff0000;الغد/span/p