ملف القدس على النار

ملف القدس على النار
الرابط المختصر

جاء توقيع اتفاق حماية الأماكن المقدسة في القدس، بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أسبوع من مؤتمر قمة الدوحة الذي شهد مبادرة قطرية بإنشاء صندوق بمليار دولار لدعم القدس، قدمت له قطر 250 مليون دولار.

كما يأتي بعد أيام قليلة من خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، في القدس، والذي تحدث فيه عن قدس موحدة.

وأيضا بعد نحو أقل من أسبوعين على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، تسلمت فيها تسيبي ليفني ملف المفاوضات، بينما جُلّ الطيف الحكومي من اليمين المتطرف الذي يرفض مجرد مناقشة مستقبل القدس.ثمة مخاض سياسي حقيقي، وصراع أجندات إقليمي يدور وسط سيناريوهات مستقبلية تزرع بذورها في هذا الوقت، وهي التي ستحسم مستقبل هذه المدينة المعذبة.

بينما التطور الأكثر أهمية يبدو في الإدراك السياسي المبكر الذي استشعرته النخبة السياسية الأردنية والفلسطينية، حينما أخذت بزمام المبادرة لحسم العلاقة التي طالما شابها التشكيك والريبة بين الطرفين حول ملف القدس، وتحديدا الدور الأردني المستقبلي بشأنه.

فالاتفاق الجديد يضع حدا للجدل بين فكرتي السيادة والدور السياسي والديني، ويضفي على المشروعية التاريخية والسياسية للدور الأردني شرعية قانونية لممارسة دور دولي وقانوني في حماية القدس، والدفاع عنها، إلى جانب الفسطينيين.

ويحدث ذلك في مواجهة تصعيد غير مسبوق في استدامة سياسة تغيير الوقائع على الأرض التي تمارسها إسرئيل بدون رادع.

ملف القدس اليوم على النار.

وعلى عكس كثير من الاتجاهات والتقديرات التي ترى أن لا أفق منظورا لعودة المفاوضات، فإن المعركة السياسية قادمة وحاسمة، وإن غابت في هذا الوقت عن واجهة الإعلام؛ فالأطراف الفاعلة تربط مداخل العودة إلى المفاوضات بمستقبل سورية.

لذا، تبدو الحركة على الأرض هي الأخطر؛ من يستطيع أن يسجل أهدافا أكثر، بما يملك من أوراق، كما هي الحال على الطريقة الإسرائيلية في تغيير الوقائع على الأرض، حتى لا يبقى شيء للتفاوض عليه، وتحديدا في ملف القدس التي تشكل جوهر التسوية والحرب معا.

وعلينا تذكر أن مفاوضات كامب ديفيد الثانية، العام 2000، بين ياسر عرفات وإيهود باراك كادت تصل إلى تسوية نهائية، لكنها نسفت حينما لم يتم الاتفاق حول القدس.

في هذه الأثناء، تشهد المدينة واحدة من أصعب لحظاتها التاريخية.

وتنتظر جميع الأطراف معركة سياسية وقانونية قاسية، الكل يعد العدة لها؛ إما بالحشد السياسي، أو بتغيير الوقائع على الأرض، وهو الأخطر؛ حيث تتصاعد عملية تهويد القدس الشرقية والمسجد الأقصى خلال السنوات الخمس الأخيرة بوتيرة عالية غير مسبوقة، وتستمر عملية الصعود السياسي والقضائي والإعلامي لفكرة "الهيكل" في المنظومة السياسية الإسرائيلية؛ وبعد أن كان مؤيدو الفكرة مجرد أقلية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أصبحوا اليوم قوة سياسية تسهم في تشكيل الحكومات، فيما تزداد المخاطر التي تهدد الهوية الديمغرافية للمدينة، من خلال سياسيات التهجير الجماعي والإبعاد والاعتقال، إلى جانب صعوبة الظروف الاقتصادية للمقدسيين، وتزايد نسب الفقر في أوساطهم، بحيث تجاوزت نسبة الأسر تحت خط الفقر 77 % من الأسر المقدسية.

الخطوة الأردنية الفلسطينية الأخيرة فرملة تاريخية لسياسات تغيير الوقائع على الأرض، وتحمل مؤشرات مهمة على احتمالات الحلول المستقبلية، وتحديدا في إدارة الكيلو متر المربع من القدس الذي يضم الأماكن المقدسة.

وهي تضمن حصرية الوصاية الأردنية عليها، وتمنع فتح الباب لتعدد الأوصياء، والذي سيشكل خطرا مضافا على الأخطار القائمة.

فهل سيذهب الأردنيون والفلسطينيون أبعد من ذلك؟

الغد

أضف تعليقك