ملفان حساسان في مركز القرار

ملفان حساسان في مركز القرار
الرابط المختصر

علاقتنا مع الرياض مهمة جداً واستراتيجية،وواقع الحال اثار سؤالا مهماً على جبهتين،قياساً على موقف الرياض منهما،والمحللون يسألون بشكل منطقي جدا،عن موقف الاردن،منهما،في سياق المقارنات والمطابقات ايضا؟!.

الجبهة الاولى تتعلق بما يجري بين دول عربية كبرى وابرزها السعودية والامارات،في العلاقة المتدهورة مع قطر،وعما سيفعله الاردن ازاء هذه الجبهة،وهل سيعلن مواقف معينة خلال الفترة المقبلة تقترب من مواقف الرياض؟!.

الجبهة الثانية تتعلق بتجريم جماعة الاخوان المسلمين في السعودية،على افتراض وجودها،وهل سيقوم الاردن مثلا بحل الجماعة هنا او اتخاذ اي اجراءات سلبية ضد الاخوان المسلمين،اتكاء على موقف السعودية وغيرها من دول.

هناك رابط بين الجبهتين،بالمناسبة،فالدوحة ايضا ترعى الاخوان المسلمين سياسياً واعلامياً ومالياً،فلا فصل كلياً بين الجبهتين.

الاردن برغم علاقاته القوية مع دول عربية،الا انه في مرات كثيرة صاغ حساباته الخاصة،وبرغم الانطباع ان  سياساته تتسم بالميل للمحاور الكبرى الا انه في حالات كثيرة صاغ مواقفه بمعزل كلياً عن هذا الانطباع.

على صعيد الجبهة الاولى اي العلاقة مع قطر،فالدوحة تتعرض لقصف دبلوماسي من الرياض وابوظبي والمنامة والقاهرة وبغداد ودمشق في توقيت واحد،ودخول الاردن على الخط ليس عنصراً ضاغطاً،اذ ان علاقة الاردن مع قطر فاترة اساساً،والدوحة هي الوحيدة التي لم تلتزم بقرار دعم الاردن ماليا،وبرغم ذلك بقي الاردن متوازنا في العلاقة معها.

عمان الرسمية لا تمتلك سبباً مباشراً للتصعيد مع القطريين في هذا التوقيت بالذات،برغم وجود خلافات على اتجاهات مختلفة،والارجح ان الاردن لن ينضم الى معسكر التصعيد هنا،خصوصا،ان لا احد يعرف ايضا افاق المصالحة الخليجية القطرية،وتورط الاردن هنا مكلف،لانه سيذهب فرقا في الحسابات اذا تم رأب الصدع خليجيا في نهاية المطاف.

على صعيد الجبهة الثانية فان الاردن برغم التصعيد الذي شهدناه في مراحل خطيرة بين الدولة والاسلاميين،لم يذهب الى اجراءات مثل حل الجماعة،التي تعرضت الى فصول مؤلمة في مصر وسورية ودول اخرى،وبقيت في الاردن،مختلفة،ولعل المناخات التي واجهها الاسلاميون في كل مكان،كفيلة اليوم برفع منسوب روح المصالحة داخل الجماعة لصالح وجودها.

لا يعتقد كثيرون ان الدولة ستتخذ اي موقف سلبي ضد الاخوان المسلمين في الاردن،تطابقا مع الرياض،غير ان على الاسلاميين ايضا عدم التورط بالتعليق السياسي ضد الرياض،فهذا امر لا تحتمله عمان  ابدا،وسيكون محرجا لها،واذا كانت قيادات الاسلاميين قد عبرت سابقا عن تضامنها مع الرئيس محمد مرسي ووقفت ضد السيسي،فان كلفة التعليق على السياسة المصرية،محتملة اردنيا.

هذا يعني ان التهدئة في هذا الملف مطلوبة من الطرفين،دون مناددة هنا،فهنا دولة وذاك حزب او تنظيم،ولا احد يدعو الى استغلال المناخ الاقليمي لضرب جماعة الاخوان في الاردن،لكننا ندعو بالمقابل الجماعة الى التنبه الى ذات المناخ الذي يحاصرها،وان لا تسمح باستدراجها الى مواجهة،اثر القرار السعودي،الذي لا يمكن لعمان ان تسمح باطلاق تعبيرات ضده، انسجاما مع العلاقات مع الرياض .

في الوقت الذي يتم اعلان الاخوان باعتبارهم جماعة ارهابية في مصر والرياض ودول اخرى،تحظى ذات الجماعة بمساحتها في الاردن،ولا يعيب الاخوان الاعتراف بهذه الميزة،واغلاق الباب في وجه خصومها،الذين يريدون جرها لمصير الحظر والمنع.

تتطابق عمان مع سياسات الحلفاء في حالات كثيرة،غير انها في حالات اخرى ُتطبق وصفتها الخاصة بها،وهذه الوصفة كانت في حالات كثيرة سببا في نجاة البلد من ادخنة الداخل وحرائق الجوار معاً.

الدستور