ملفات فساد ساخنة: الشارع العام بانتظار الحقيقة

ملفات فساد ساخنة: الشارع العام بانتظار الحقيقة
الرابط المختصر

من المؤسف ان يبقى الرأي العام منشغلا بقضايا فساد تعصف بعدد من كبار المسؤولين في الدولة وتبقى الامور على حالها من دون قرار حاسم ينهي ذلك الجدل, الامر الذي ينعكس سلبا على المواطنين الذين يشعرون بغبن تجاه ذلك السكوت, فمن حقهم ان يعرفوا ان ما يشاع عن ذلك المسؤول هو حقيقة او افتراء, وهذا لا يتم الا بالتحقيق والمساءلة والمحاسبة ان ثبت شيء.

ليس صحيحا ان كل ما تتناوله الصحافة من قضايا تتعلق بتجاوزات المسؤولين هو اغتيال للشخصية كما يدعي البعض, فالمسؤول الذي اقسم على تحمل مسؤولية العمل العام بامانة وشرف لخدمة المواطنين عليه ان لا يخشى شيئا ويدافع عن اعماله بثبات, اما اولئك الذين اعتادوا العمل في الكواليس, واعتبروا البلاد مثل الشركات في ادارتها ونظروا الى جيوبهم قبل ان ينظروا الى الوطن سنجدهم لا يتوانون عن استخدام ابشع الوسائل لمهاجمة كل الاصوات الحرة والشريفة التي تطالب بحماية الوطن منهم.

تلك الشخصيات التي تدعي بانها من انصار الليبرالية الجديدة هي بعيدة كل البعد عن تلك المدرسة التي لا تسير الا وفق منهج الحاكمية والادارة الرشيدة والمحاسبة والمساءلة, اما الذين عندنا, فهم من انصار مدرسة الفساد المؤسسي الذي كرسوه بتغيير التشريعات والانظمة والسيطرة على قوى المجتمع واغرائهم بالاموال.

بعيدا عن الشخصنة, اليس من حق الشارع العام الاطلاع على تفاصيل ما آلت اليه الامور في التحقيق في صفقة امنية التي اشتعلت تداعياتها قبل فترة قليلة في برلمان احدى الدول الشقيقة?!.

بماذا يفسر اولئك المسؤولون الذين اشبعونا تنظيرا وفهلوة بالاقتصاد تستر الحكومات المنصرمة ومجلس الامة على تقييم برنامج التحول الذي اظهر فشلا ذريعا في تحقيق اهدافه بعد ان انفق 356 مليون دينار?.

صحيح ان الحكومة الحالية اوقفت مشروع اقامة الكازينو الذي ابرمت اتفاقيته سرا الحكومة السابقة, الا ان المسؤولين عن تلك الاتفاقية ما زالوا من دون حساب وكأنهم لم يفعلوا شيئا اضر بالخزينة والحق اذى نفسيا ومعنويا بالاردنيين.

هذا الامر مشابه لما قام به مسؤول بارز قبل ثلاثة اعوام عندما استطاع ان يتدخل بقوة منصبه ويدفع مجلس الوزراء لاقرار اربعة قوانين مؤقتة قبل يوم واحد من انعقاد مجلس الامة, ليتضح بعد ذلك انه اراد ان يعدل تلك القوانين من اجل بيع اراضي احراش تل الرمان لمستثمرين مقابل عمولة لصالحه, وبعد ذلك يترقى المسؤول بين المناصب وكأنه لم يفعل شيئا.

حتى صفقة بيع شركة ترانز جلوبل التي حصلت على امتياز التنقيب عن النفط في منطقة بئر عسال في البحر الميت لم يتم الكشف عن كيفية بيع اسهمها الى شركة اخرى, وبعدها انتقل الخلاف مع الحكومة الى هيئة التحكيم الدولية وتطالب الشركة الاردن الان بتعويض مقداره 750 مليون دولار, فمن يتحمل تلك التداعيات والاخطاء?.

لم يعد مقبولا السكوت عن المسؤولين الذين يتاجرون بالوطن خاصة بعد قرار الحكومة الاخير بايقاف عطاء في العقبة تبين بالوثائق انه احيل على مكتب زوجة مسؤول كبير هناك, فالشارع لا ينتظر فقط ايقاف تلك العطاءات او الصفقات, الشارع بحاجة الى ان يرى محاسبة ومساءلة من يخطئ.

توجيهات جلالة الملك واضحة لا لبس فيها تجاه محاربة الفساد, وما على الحكومة سوى الامتثال للتوجيهات السامية والمباشرة بأخذ زمام الامور في معالجة تلك الاختلالات في المجتمع بيد من حديد.

اما اولئك الذين يسمون انفسهم بالليبراليين الجدد فعليهم ان يتيقنوا بان في الاردن رجالا شرفاء, لن يتوانوا عن التصدي لفسادهم, ولا يضير الاردنيين شيء ان كان هؤلاء فقدوا اخلاقهم وكرامتهم لا ينظرون للوطن الا من جيوبهم التي لا تمتلئ ابدا.