ملفات الإصلاح أمام مجلس النواب
أحالت الحكومة التعديلات الدستورية الى مجلس النواب, بعد فتح مادتين جديدتين بشكل ايجابي, الأولى حول قضية الثقة في الحكومة, والثانية حول حق التنقل في البلاد, وبذلك تكون التعديلات الدستورية المقترحة في عهدة مجلس الامة الذي يتشكل من مجلسي النواب والاعيان. اعتقد من المفيد لو توسعت الحكومة بفتح مواد اضافية تحتل اهمية في بناء الدولة المدنية الديمقراطية, اغفلتها اللجنة الملكية المكلفة, فمن غير المتوقع احداث تغييرات جوهرية بعد الاحالة, حيث ينحصر عمل المجلس دستوريا في المواد المحالة من الحكومة, ولن يتمكن المجلس من فتح مواد غير المرسلة, وبالتالي اصبح معلوما سقف التعديلات, ورغم اهمية المقترحات المقدمة من اللجنة الملكية لتعديل الدستور, الا ان هذه التعديلات لا تفي بالغرض ولا ترقى لمستوى تجسيد مبدأ الامة مصدر السلطات.
وقد شهدت البلاد اصداء وردود افعال واسعة على التعديلات المقترحة على الدستور, توافقت معظم القوى السياسية المنادية بالاصلاح الدستوري والسياسي على ان المقترحات لا تشكل منطلقا مناسبا لتحقيق التداول السلمي للسلطة, والاقرار الصريح بأن من حق الاغلبية النيابية بتشكيل حكومتها, واعطاء الولاية الكاملة للحكومة الحائزة على ثقة البرلمان المنتخب ديمقراطيا, وحصر إقالة الحكومة بسحب الثقة من قبل الاغلبية النيابية, كما يجري في البلدان الديمقراطية.
كما بفترض ان تتضمن التعديلات الدستورية وضع ضوابط لحل مجلس النواب, حيث لا يجوز للسلطة التنفيذية ان تقيل سطة تشريعية منتخبة من الشعب, فالمجلس يجب استكمال دورته الانتخابية, الا في حال وجود ازمة سياسية في البلاد تقتضي اجراء انتخابات مبكرة. أما القوانين المؤقتة التي اعتادت الحكومات المتعاقبة على إصدارها بطريقة غير دستورية وأضرت بالمصالح الوطنية للبلاد, فقد جاءت التعديلات المقترحة بحصرها في الكوارث العامة, وحالة الحرب والطوارئ, إضافة الى الحاجة الى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل.
اعتقد ان الفقرة الأخيرة سوف تستخدم في غير مكانها, وبالتالي ينبغي حصر النفقات المستعجلة فقط في حال حدوث الحرب والكوارث, وعدم إطلاق أيدي السلطة التنفيذية بإصدار ملاحق للموازنة بقوانين مؤقتة, كما اعتقد ان هناك ضرورة لإضافة بند يتعلق بالمادة (119) بإلزام الحكومة بإصدار ميزانية ختامية في نهاية كل عام لإجراء مراجعة ومقارنة بين قانون الموازنة المقر من قبل مجلس النواب والحسابات الختامية, حيث المساحة واسعة جدا بين قانون الموازنة والنتائج النهائية.
وكان على التعديلات إنصاف المرأة بإضافة كلمة الجنس في المادة (6) من الدستور "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين" (او الجنس).
كان على الحكومة ان تقرأ بعناية رؤية القوى السياسية التي تقدمت بأفكار ناضجة في هذا المجال وفي مقدمتها الجبهة الوطنية للاصلاح, فقد اعلنت الجبهة في مؤتمر صحافي موقفا واضحا ومحددا في قضايا الاصلاح الدستوري منها تعديل المادة (25) من الدستور بحيث يصبح مجلس النواب وحده صاحب الحق في التشريع, وذلك استناداً إلى المبدأ الديمقراطي الذي نصت عليه المادة (24) من الدستور الأردني (الأمة مصدر السلطات) , بحيث يتم اما الغاء مجلس الأعيان أو انتخابه مباشرة من الشعب.
أما فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية ومسؤولية الحكومة عن السياسة العامة للدولة وإدارة شؤونها الداخلية والخارجية, وإعمالاً بمبدأ تلازم السلطة والمسؤولية, ترى الجبهة أن تعاد صياغة المادة (35) من الدستور, بحيث يتم تأليف الوزارات من الأكثرية النيابية أو من ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب, لتمارس الحكومة صلاحياتها الدستورية كسلطة تنفيذية بعد نيلها ثقة المجلس, وتستمر في تحمل مسؤوليتها الدستورية طالما أن ثقة مجلس النواب قائمة, وتستقيل فقط عند سحب مجلس النواب ثقته فيها. وحول محاكمة الوزراء, ترى الجبهة أن تخضع إحالة الوزراء ومحاكمتهم للقواعد المقررة في قانون أصول المحاكمات الجزائية شأنهم في ذلك شأن كافة المواطنين. كما اكدت الجبهة ان من حق كل شخص صاحب مصلحة في الطعن بعدم دستورية القوانين امام المحكمة الدستورية .
وبخصوص محكمة أمن الدولة ترى الجبهة انه لا مبرر لاستمرار وجود هذه المحكمة, من اجل وحدة القضاء, وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات, كما ترى الجبهة أن تتضمن التعديلات الدستورية النص على رد صلاحيات مجلس الوزراء التشريعية المنصوص عليها في المادتين (114 ، 120) من الدستور والمتعلقة بأنظمة الأشغال الحكومية واللوازم والتقسيمات الإدارية والخدمة المدنية, إلى مجلس النواب, ففي ذلك ضمانة لاستقرار الحقوق وحماية المال العام.
وترى الجبهة أن النص على جواز إبرام معاهدات يترتب عليه تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها, يناقض أحكام المادة الأولى من الدستور. كما ترى أن تتضمن التعديلات الدستورية أحكاماً تخضع بموجبها كافة القروض التي تعقدها أو تكفلها الحكومة لموافقة مجلس النواب.
العرب اليوم