معايير التعيينات الرسمية.. البزنس اولا

معايير التعيينات الرسمية.. البزنس اولا
الرابط المختصر

في ظل غياب العمل السياسي الفاعل لقوى المجتمع ومؤسساته واحزابه يبقى العامل الشخصي السمة الطاغية على العلاقات البينية لمسؤولي الدولة, وتبقى المشاركات البرامجية المنظمة الغائب عن المشهد العام.

في جانب التعيينات الرسمية وملء الشواغر في المناصب العليا كان النقد دائما يُوجه في السابق على اعتبار الجهوية او الاقليمية او المحسوبية او عدم الكفاءة, وسرعان ما تتحدث الصالونات عن ان ذلك الشخص محسوب على جماعة فلان او علان, لكن في النهاية باستطاعة الرأي العام تحديد هويته او مرجعيته.

اليوم المسألة تختلف جذريا من حيث الشكل والمضمون, فالتطور الحاصل في هيكل التعيينات الرسمية خاصة في الفئة العليا هو استقدام اشخاص غير محسوبين على تيار اجتماعي معين بقدر ما هم مرتبطون باعمال "بزنس" مباشرة مع الجهات المسؤولة, لذلك وبمجرد ان تتم تسمية شخص معين في منصب مهم فاننا نسمع بانه كان يعمل في شركة تتبع لذلك المسؤول, او انه دخل في عطاء مهم مع جهة معينة, او انه اشرف على تنفيذ صفقة من عيار ثقيل مع جهة ما, وبالتالي فان الهوية الجديدة التي ظهرت في المجتمع هي مدى ارتباطه باعمال مع الجهات المسؤولة عن تعيينه.

للاسف ان تغيير هوية المسؤولين بهذه الطريقة لم يرتبط بمعايير الكفاءة والانجاز لعدة اسباب ابرزها انه لغاية يومنا هذا لم نسمع من اية حكومة- إلا ما ندر- تبريرا منطقيا لتعيين فلان في ذلك المنصب وما هي الرسالة الجديدة المنوي ارسالها للمنصب او متلقي الخدمة من الجمهور العام.

الغريب في الامر ان هناك موجة تعيينات سريعة لنفس الاشخاص " طيارين" يتنقلون من منصب لآخر دون معرفة لماذا تعيّن او لماذا انتقل الى مكان آخر, من المفترض في التعيينات العليا ان تقدم الحكومة توضيحا لتعيين ذلك الشخص وانه مؤهل او انه غير ذلك ولهذه الاسباب تمت اقالته, لكن ان يقال ان هناك فسادا تجاه شخص معين وانه لا يعمل جيدا في منصبه ويجري نقله لمنصب اكثر حيوية فهذا امر غريب ويثير تساؤلات مريبة حول صدقية الجهات الرسمية في محاربة الفساد وتوفير اجواء من الشفافية في قراراتها.

الحكومة التي شكلت بنفسها لجنة لاختيار المرشحين للوظائف العليا الشاغرة هي ذاتها التي تجري كل فترة سلسلة تعيينات في مختلف وظائف الدولة العليا وفق سياسة التعيين المباشر بدل الترشيح والمنافسة على قاعدة الكفاءة والشهادة.

تعامل الحكومة مع اللجنة بهذا الشكل يدلل بوضوح ان الحكومة كانت تبحث من الناحية النظرية عن شعبية في خطابها الاعلامي من دون ان تكون هناك جهود حقيقية في جعل تلك الوظائف العليا الشاغرة مفتوحة أمام جميع المواطنين الأردنيين من دون استثناء أو تحيز على قاعد الكفاءة والشهادة والخبرة, بل ان الازدواجية ما بين التصريحات الرسمية والافعال على ارض الواقع تدلل على ان لجنة التعيينات تبقى حبرا على ورق.

لا يُفهم من الكلام السابق انتقاصا ممن جرى تعيينهم, لكن القصة هي متابعة الخطاب الرسمي الحكومي المتعلق بالشفافية والذي اكد على توفير اجواء المنافسة بين الاردنيين في تولي المناصب وتجاوز المحسوبيات.