مصلحة الوطن فوق مصلحة الجميع
في الحوار المحتدم حول الإصلاح, والخطوات التي تمّت, سواء على صعيد مخرجات لجنة الحوار, أو التعديلات الدستورية, في الندوات الكثيرة المنعقدة في أروقة مراكز الدراسات, أو من خلال الهيئات الحكومية المختصة, أو ما يحدث في الملتقيات والمنتديات, واللقاءات الشعبية المنظمة أو العفوية, تنشأ مجموعة من المسارب التي تأخذ الحوار بعيداً عن أهدافه الرئيسية وعن مبتغاه الحقيقي.
وفي هذا الخضم الكبير من الجدل يتم طرح مجموعة من الأسئلة البريئة وغير البريئة, ومن جملة هذه الأسئلة, ماذا تكسب الأحزاب في هذه العملية, وماذا تخسر, وماذا تكسب الحركة الإسلامية وماذا تخسر?
وفي ظلّ قرار الحركة الإسلامية التي ربطت صياغة موافقتها من المشاركة في العملية السياسية برمّتها, سواء الانتخابات البلدية أو الانتخابات البرلمانية على تحقق خطوات جديّة فعلية جوهرية على الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يتجلّى بتغيير منهجية إدارة الدولة تغييراً جذرياً, وذلك من خلال تغيير آلية تشكيل الحكومات لتصبح إفرازاً شعبيّاً تقرره صناديق الاقتراع, اضافة إلى تحصين المؤسسة التشريعية من التدخل والحلّ من قبل السلطة التنفيذية, وايجاد سلطة قضائية مستقلة, وقانون انتخابات عادل قادر على ايجاد مجلس نواب سياسي لتشكيل حكومة برلمانية, ومؤهلا للقيام بواجب الرقابة والتشريع على أكمل وجه.
ممّا جعل الحوارات تسير باتجاه: هل مصلحة الحركة الإسلامية بالمشاركة أم بالمقاطعة? وكم تكسب وكم تخسر, وهناك من يحاول تصوير حجم كسب الحركة الإسلامية من خلال الزيادة الملحوظة على عدد المقاعد البرلمانية التي تكسبها, وزيادة حضورها في المواقع الأخرى.
وهنا يجب الالتفات إلى السؤال الحقيقي: وهو كم يكسب الوطن وكم يخسر? وكم يكسب الشعب الأردني وكم يخسر, بخصوص تحسين مستقبل أبنائنا في الحصول على حريّة حقيقية, وديمقراطية كاملة غير منقوصة?
وهنا يُطلب من الحكومة ومن كل الأطراف التي تتحمّل مسؤولية إدارة هذه المرحلة المهمّة والخطيرة من مراحل هذا البلد التاريخية المفصلية الاجابة على سؤال مهمّ واحد: هل استعاد الشعب الأردني كامل السلطات في تقرير مصيره, واختيار رجال السلطة, ومراقبتهم ومحاسبتهم? ولا تكفي الإجابة بنعم! بل يجب أن تُتْبع بكيف, وبيان الفرق بين هذه المرحلة والمرحلة السابقة?.
ليس المهم أن تكسب فئة أو تخسر, وليس المهم أن يكسب حزب معين أو يخسر, المهم, ماذا كسب الشعب الأردني, وكسبه وخسارته في مجال الإصلاح تحقيقاً, كم نقترب من موضوع أن يصبح الشعب الأردني صاحب السلطة الكاملة والحقيقية, وأن يصبح صاحب الكلمة العليا في كل شؤونه وترابه وحدوده, وأمواله وأراضيه.
وهناك مجموعة أسئلة فرعية, تتفرع عن معنى امتلاك السلطة الكاملة في التشريع والتنفيذ والقضاء, كما أصبحت نسبة مشاركة الشعب في اختيار الحكومة, مشاركته في عزلها, وهل تمّ تمكين الشعب من الإمساك بالفاسدين ومحاكمتهم, وهل يستطيع الشعب الأردني من خلال آخر الإصلاحات التي تمّ تحقيقها استعادة أمواله التي سرقها الفاسدون, وهل يستطيع الشعب استرداد ملكيته لشواطئ العقبة, والبحر الميت, وغيرها من الأراضي المهمّة التي ليس لها بديل.
يجب أن تتمحور الأسئلة الجوهرية في الإصلاح حول مكتسبات الشعب الأردني ومكتسبات الأجيال القادمة في الحرية والكرامة والإرادة المطلقة والسيادة غير المنقوصة, والمشاركة الفاعلة في بناء الأردن الحديث المتطور الخالي من الفساد والفاسدين والمنافقين المتزلفين.
العرب اليوم