مشروع الإصلاح الوطني والأفهام القاصرة
تعرضت مجموعة مقالاتي السابقة في العرب اليوم إلى حملة إعلامية واسعة من عدد كبير من الكتاب والمعلقين، تراوحت بين الإنصاف والقراءة الصحيحة من طرف، والتحريف والتشويه والقراءة الناقصة من طرفٍ آخر، ولكن ما راعني أنّ بعض الإسلاميين المقربين هم أصحاب القراءة الناقصة، وأفاضوا عليّ بالنصح والإرشاد والتوضيح الذي لم أغفله نصاً وتصريحاً وكتابةً في سطور المقالات، فبعضهم يريد أن يقنعني بضرورة العداء للصهاينة المغتصبين وضرورة الاهتمام بالقضية الفلسطينية مع أنّني قلت بالحرف الواحد ما يلي:إنّ نجاح مشروع الإصلاح الوطني سيصب حتماً في مصلحة مشروع القضية الفلسطينية باعتبارها مسألة أمّة عربية وإسلامية، وليست مسألة فلسطينية أو فصائلية، وهذا يؤكد أنّه لا حاجة للتناقض المصطنع.
أوليست هذه العبارة كافية لتفنيد كلّ ما أفرزته القراءة المريضة، وكافية لوقف هذا السيل من المقالات الركيكة التي تمارس هواية بيع الماء في حارة السقائين، واتبعت منهج القراءة المجتزأة على طريقة (فويلٌ للمصلين).
وفي هذا الموطن أزجي تحية إكبار لكلّ كاتب موضوعي منصف يبحث عن الحقيقة وأخص بالذكر الكاتبة (لميس أندوني) في تعليقها وتوضيحها على المقال بطريقة موضوعية، ممزوجة بالنصيحة المقبولة والمقدرة.
وهنا أريد مزيداً من التجلية لمن يحتاجها، فأود أو أوضح أنّ مشروع الإصلاح الوطني هو المشروع الأكبر والأشمل، وهو الذي ينتمي إلى مشروع الأمة الكبير المتمثل بالإصلاح الشامل وإعادة بناء الأمّة، وبناء مشروعها النهضوي الكبير، الذي يجعلها أمّة قوية ناهضة قادرة على توحيد مكوناتها وامتلاك أدوات القوة أولاً، ومن ثمّ تكون قادرة على مواجهة الأعداء الخارجيين والغزاة، وقادرة على حماية أرضها وحدودها، وقادرة على كنس الاحتلال في كلّ موقع من مواقع الأمّة على كلّ أرضٍ وتحت كل سماءٍ عربيةٍ وإسلامية.
في هذا السياق فإنّ مشروع الإصلاح الوطني الأردني، هو مشروعٌ مكمّل لمشروعات الإصلاح العربية والإسلامية في كل أقطار الوطن العربي لتشكل جميعاً مشروع النهوض المتكامل الكبير الذي تقوم به الشعوب مجتمعة بكل مكوناتها وقواها السياسية الفاعلة، وهو وحده الكفيل بتحقيق أهداف الأمّة الكبرى.
إنّ مشروع الإصلاح الوطني لا يحمل السمة الإقليمية ولا الانتماء الجهوي الضيق، ولا يقوم على التعصب البغيض، وفي الوقت نفسه ليس مشروعاً توظيفيّاً لأي مشروع فصائلي آخر مهما كان يحمل من الوجاهة والصدق، فأردت أن أوضح أنّ الذين يمتنعون عن الانخراط في مشروع الإصلاح الوطني الشامل والكبير بحجة أنّه منشغل في مشروع آخر، فقد أوجد التناقض المصطنع المرفوض، وهو منطق تبريري ضعيف لا يخدم نفسه ولا يخدم غيره، ولا يخدم الإصلاح ولا يخدم التحرير ولا يخدم ثورة الربيع العربي.
وعندما نتفق أنّ القضية الفلسطينية هي مشروع الأمّة، فهذا يقتضي حتماً أن نبدأ بإصلاح الأمّة وهذا يقتضي مشاركة حقيقية كاملة في المشروع لها مظاهرها ولها أشكالها، وما يغفل عنه القاصرون أنّ مشروع الإصلاح الوطني يقوم على فهم جوهري يتمثل بتحرير الأردن من النفوذ الصهيوني، وقد أوضحت ذلك بمقال مستقل تحت عنوان (الاحتلال الصهيوني أساس كل علة)؛ فليرجع إليه المتصيدون .
العرب اليوم