ما يكاد وفد صندوق النقد الدولي ينهي مهمته ويغادر البلاد حتى يعود مرة أخرى ، وفي جميع الحالات تسمى لقاءات ومناقشات الصندوق مع المسؤولين الأردنيين (مشاورات) وإن كان نقاد الحكومة والصندوق يسمونها (إملاءات).
كان الصندوق قد قدم قرضاً سهلاً للأردن يعادل 2 مليار دولار كجزء من حزمة إجراءات للإصلاح الاقتصادي تقدمت بها الحكومة وأقرها الصندوق ، وجاء الوقت ليتأكد من التزام الحكومة بما تعهدت به من إجراءات ونتائج.
الإجراءات المطلوبة تتعلق أساسـاً بتخفيض العجز في الموازنة العامة ، وفي الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، والسيطرة على المديونية ، وتحقيق نسبة نمو معقولة ومعدل تضخم معتدل.
هذه أهداف كبيرة تصلح كعناوين يرد تحت كل منها تفصيلات تحدد الإجراءات المطلوب القيام بها بموجب جدول زمني متفق عليه ، لتحقيق مؤشرات اقتصادية ومالية ونقدية محددة ومتفقاً عليها.
العلاقة بين الحكومة والصندوق ودية للغاية ، فهناك تقدير من جانب الصندوق لظروف الأردن الإقليمية ، خاصة ما يحدث في سوريا والعراق ويؤثر سلباً على مصالح الأردن ، الأمر الذي يدعو الصندوق للتساهل والتسامح في تطبيق الشروط ، ولا مانع من بعض التباطؤ فالمهم هو الاتجاه العام.
تتركز المشاورات هذه المرة حول قانون ضريبة الدخل الجديد الذي يجب أن يؤمن للخزينة إيرادأً إضافياًُ في حدود 110 ملايين دينار سنوياً ، وقد تأخر إقراره من قبل مجلس النواب ، ويؤمل أن يتم ذلك قبل نهاية هذه السنة ، بحيث يمكن تطبيقه على الدخل الخاص لسنة 2015.
الحكومة لا تجد نفسها مضطرة لأخذ دور الاعتذار والتبرير ، فهناك ما تستطيع تقديمه كإنجازات في مجالات الطاقة المتجددة ، وتخفيض عجز الموازنة ، وتحسين الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، والسيطرة على التضخم بحيث لا يتجاوز 3ر3%. كما أن معدل النمو الاقتصادي هذه السنة قد يتجاوز الرقم الذي توقعه الصندوق وهو 5ر3% بالرغم من الظروف الصعبة.
نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي مصلحة أردنية في المقام الأول ، وليس مجرد تلبية للشروط ، وإذا كان الصندوق متساهلاً فإن الحكومة يجب أن تكون أكثر منه حرصاً على إنجاز الإصلاحات الاقتصادية ليس في مواعيدها المقررة بل قبل ذلك إن أمكن
الرأي