مسؤولية الحكومة الغائبة تجاه قانون الانتخاب
لا نضيف جديدا، إذا قلنا إن الاصلاح السياسي هو المدخل الأوسع، والاكثر أمانا لتحقيق التنمية الشاملة، لأنه يوفر المشاركة المجتمعية في صنع السياسات العامة للدولة على مختلف المستويات ويحقق الرقابة على أداء الدولة والمجتمع.
ولا نضيف جديدا إذا قلنا إن قانون الانتخاب هو الركيزة الاساسية التي تضبط ايقاع الاصلاح والتنمية الشاملة، وهو كاشف لنوايا الاصلاح وجديتها.
لقد استنزف قانون الصوت الواحد بالطريقة التي اعتمدت. وأصبحت هناك قناعة لدى أركان الدولة بتطوير هذا القانون بما يحقق مشاركة أوسع في تمثيل القوى والتيارات السياسية والمجتمعية الصاعدة في المجالس النيابية القادمة.
فجاء قرار الحكومة بإحالة "عطاء" القانون الجديد "بالتلزيم" على مجلس النواب، من خلال طلب صفة الاستعجال لإقرار القانون المؤقت وإدخال التعديلات التي يراها مناسبة، كي يصبح القانون دائما، في اشارة إلى "جدية" الحكومة في إصلاح النظام الانتخابي.
كلنا نذكر ان "صرعة" تحويل قانون الانتخاب المؤقت إلى مجلس النواب مع صفة الاستعجال، جاءت في حينها لتقديم مبررات للحركة الاسلامية لتعود عن قرار مقاطعتها للانتخابات. واستمر التكتيك الحكومي، وتحول الى خيار استراتيجي في التعامل مع استحقاق إصلاح النظام الانتخابي.
بهذه الطريقة أعفت الحكومة نفسها من مسؤوليتها باعتبارها مكلفة في إدارة الشأن العام، وهي المسؤولة عن تقديم أفكارها لإصلاح النظام الانتخابي، وهي المسؤولة عن إدارة الحوار والوصول إلى اوسع توافق حول القانون الجديد، وتتعهد بتمريره من خلال البرلمان، لأنها تمتلك أغلبية برلمانية كبيرة، ولأن مجلس النواب محكوم بتوازناته الداخلية (إذا افترضنا جدلا أنه سيد نفسه في هذا الشأن)، فالتوافق سيتم بين مكونات مجلس النواب التي لا تمثل بدقة وشمولية كل مكونات المجتمع.
وسيكون لمجلس الاعيان رأيه أيضا بما يقرره مجلس النواب.
للأسف، فقد قبل مجلس النواب قانون الانتخاب المؤقت ووافق على تحمل عبء مهمة سياسية كبرى ناءت بحملها كل الحكومات السابقة.
للخروج من هذا المأزق الحكومي- البرلماني، فإنني أقترح أن يتم التوافق بين الحكومة والبرلمان على رد القانون المؤقت للانتخاب، أو أن تسحب الحكومة القانون من مجلس النواب، وتتعهد بالتقدم بمشروع قانون جديد، حينها سيكون مع الحكومة متسع من الوقت لتدير حوارا وطنيا شاملا، وتتشاور فيه مع البرلمان، للوصول الى اوسع توافق ممكن حول قانون الانتخاب المأمول.
لست متفائلا بالأخذ بهذا المسار, لأننا نفكر بيومنا ومايزال التردد يسكننا.
الحكومة ومجلس النواب مطالبان بتظهير إرادتهما السياسية في موضوع قانون الانتخاب وملفات الإصلاح السياسي بشكل عام. كفانا حديثا عن الإصلاح السياسي، والمطلوب التقدم بخطة زمنية بأهداف واضحة، حتى نصدق أننا نسير على طريق الإصلاح.
الغد