مدفن التحقيقات في ملف بلطجية عمان
أياً كان الذي حرك البلطجية في وسط البلد ، الجمعة الماضية ، فقد ارتكب خطيئة بحق البلد ، واذ يقال ان الاردن الاعلى تعليماً في مشرق العرب ومغربهم ، فلا يصح اذاً ضرب الناس بالعصي ، وتكسير اطرافهم ، وكأنهم مندسون على وطنهم.
غداً جمعة اخرى ، ولانريد للبلطجية ان يأخذوا البلد الى مدارات دموية ، وان تمر الجمعة بهدوء ، بدلا من تشويه سمعة البلد بهذه الصورة ، وهي التي خرجت فيها مسيرات سلمية ، لم تؤد الى كسر غصن زيتون.
اربعة ملايين مصري وقفوا في ميدان التحرير لم يضرب واحد الاخر ، لولا البلطجية وبغالهم التي لم تر الماء منذ ان فار التنور ، وهو درس تعلمناه ايضاً ، من تونس التي حماها اهلها ، قبل كتائب النظام.
البلطجية ليسوا في مصر وحدها ، فقد رأينا مثلهم في تونس وليبيا واليمن ، واماكن اخرى ، والبلطجة ليست بحمل العصي والسلاح والسكاكين ، وحسب ، بل تجدها في مقالة لكاتب صحفي ، يهدد ويتوعد ، وفي تصريحات لسياسي ، ينذر ويرغي ويزبد.
في كل مسيرات الاردن ، لم يقم اردني واحد بتحطيم سيارة ، ولااقتحام محل تجاري ، والشرطة التي قامت بتوزيع العصير والماء على المسيرات ، كان بإمكانها منع بلطجية الجمعة الماضية ، من الاعتداء على الناس.
حماية الانسان ليست بحاجة الى تنسيق او اتصال ، ولااخذ موافقة من الاعلى موقعاً ، لانك كإنسان ، لايجوز ان تقبل رؤية الدم وهو يسال امامك وتجلس لتتفرج.
سكوت الشرطة مكان سؤال.لماذا يقبل الامن العام اختطاف علاقة الامن بالناس ، ورسم صورته حيادياً ، او على الاقل متفرجاً وكأن الامر لايعنيه؟،.
لايوجد احد ضد بلده ، ولاتجد انساناً واحداً يريد دب الفوضى والخراب في الاردن ، لان الفوضى ستؤثر على الجميع ، هذا على الرغم من تحفظي على موقع مسيرات الجمعة ، لانها في مكان حساس وصعب ، ولربما الافضل ان يتم اختيار موقع غير منطقة الحسيني.
الدعوة لتغيير موقع المسيرات ، لاتعود لسبب باطني ضد المسيرات ، بل لان الشارع من الحسيني الى نهاية سقف السيل ، ضيق ، واي تدافع او حدوث لمشكلة قد يؤدي الى مشاكل كثيرة ، خصوصاً ، حين يكمن "الزعران" من اجل ترويع الناس ، واخافتهم.
التحقيقات حول من ارتكب كارثة الجمعة الماضية ، سرية ، لكنها يجب ان تخرج بنتائج سريعة ، لان الصور موجودة ، والوجوه معروفة ، حتى لاتذهب القصة الى مدفن لجان التحقيق السابقة ، التي شهدنا تشكيلها ولم نسمع نتائجها.
ماهي الطبيعة البشرية لهذا الكائن الذي لديه الاستعداد لضرب مواطنه ، او كسر اطرافه ، او اسالة دمه.هل الدراهم تعمي الابصار الى هذه الدرجة التي تؤدي الى اسالة دم اخيك وشريك روحك؟.
لايكفي ان تقول الحكومة ان المعتدين ستتم رفع دعوى الحق العام عليهم ، اذ اين حقوق الافراد مباشرة ، واين سمعة البلد التي اهانوها ، واين كلفة الاذى والرعب والدم.الكلفة مرتفعة جداً؟.
"البلطجة" لاتليق بنا ، ولعلنا نراهن للمرة الاخيرة في حياتنا على لجنة التحقيق ، وهل ستحاسب من اعتدوا على الناس حقاً ، ام ان القصة سيتم حلها بتبويس اللحى وصب فناجين القهوة السادة ، كما هي عادتنا؟.
يبقى السؤال:هل البلطجي الذي يضرب شعبه ، احسن حالا منهم حقاً ، ام انه جائع مسلوب وفوق ذلك بلا احساس ، ولااخلاق ، ولابقايا نفس بشرية تتذكر ان "البلطجي" سيتم رميه كعقب سيجارة نهاية المطاف،.
اسوأ مايمكن ان ننتظره ، هو ارسال نتائج التحقيقات الى المدفن ، الذي استقبل جثثا سابقة،.
الدستور