محو أمية برلمانية!

محو أمية برلمانية!
الرابط المختصر

لا تجد نائبا في الدنيا يقفز من كونه مرشحا الى نائب يشرع ويراقب ، وكأنه بحر العلوم ، الا عندنا.

لا احد يسأل السؤال التالي: على حساب من يتعلم النواب الجدد ، وكيف يدخلون الى مجلس النواب ، وهم لا يعرفون شيئا عن الدستور والقوانين والانظمة والنظام الداخلي لمجلس النواب.

هو كمن يقفز من الصف الاول الابتدائي الى حفل تخرج الجامعة فيتسلم شهادة الجامعة ويبدأ ممارسة عمله فوق رؤوسنا ، ويتعلم من جلدنا.

ربما يمر العام الاول والنواب القدامى يتلاعبون بالجدد ، وتمرر الحكومات قوانين كثيرة والنائب الجديد فاقد للبوصلة ، وللذاكرة في حالات اخرى.

النواب القدامى يتلاعبون دوما بالجدد فيلقون عليهم الشعور بالخوف والضعف والتراجع ، ويسيطرون عليهم ، فيضطر النواب الجدد ايضاً ان يدسوا انفسهم في حضن هذا او ذاك ، من اجل ان يتعلموا قليلا ، ومن اجل ان يكون من ضمن اي كتلة تمثل مصالحهم تحت القبة.

الوقت الفاصل بين اعلان النتائج النيابية ، والذهاب الى الجلسة الاولى تحت القبة وقت قصير جداً ، يمضيه النائب الجديد في تقبل التهاني وقبول دعوات المناسف ، تكريما له ، فيما يضيع "الوقت الوطني العام" لان النائب الجديد ، غير مهتم الا بالوجاهة ، وتكريسه زعيما هنا او هناك.

لو كانت لدينا حياة نيابية فاعلة وحقيقة لتم ضم النواب الجدد تحديداً ، الى دورة سياسية وبرلمانية لمدة اسبوعين ، تشرح للنائب الجديد ، تفاصيل مهماته ودوره ، وما له ما عليه.

فوق ذلك هو بحاجة الى المام بالقوانين والانظمة ، اذ كيف سيشرع لنا وهو لا يعرف مثلا ان هناك عقوبة مثلا موجودة في قانون العقوبات ، وقد يطالب بمثلها في مشروع قانون جديد.

على حساب من سيتعلمون؟ ولماذا تكون اعناق النواب الجدد بيد النواب القدامى يسيرونهم كيفما يريدون في حالات كثيرة ، خصوصا ، ان لدينا نوابا قدامى باتوا عتاقي اكثر من التعتيق ذاته ، ويعرفون كيف سيضبعون النواب الجدد منذ اليوم الاول.

لا يكفي ان يفوز النائب ، ويتدلل في مشيته نحو قبة البرلمان ، اذ عليه ان يدرس درسه جيداً ، لان النيابة ليست عضوية في مجلس بلدي ، او نادْ محلي على اطراف العاصمة.

الذين يريدون حياة سياسية مؤثرة ، وحياة برلمانية ، عليهم ان لا يضيعوا علينا وعلى الناس العام الاول للنواب ، وهم يتلقون دروس خصوصية في الهواء الطلق ، على حساب الرقابة والتشريع ومصلحة البلد.

النائب الجديد لدينا ، لا يسأل نفسه ماذا يعرف غير الذي يسمعه ويقرأه ، وتجد ندرة ربما يجهدون انفسهم في محاولة فهم دقائق الموقع الجديد ، سياسيا وقانونيا ، لان موضة النائب القادم من اجل استخراج رخصة باص ، او رخصة بئر هي السائدة.

ثم يقولون لك لماذا بات كل مجلس نيابي يأتي اضعف من الذي قبله ، ولماذا تتراجع نوعية النواب لدينا ، وفي الاجابات العلنية والسرية ، ما يعرفه الجميع.

لا يكفي ان يفوز النائب ، ولعل الاهم ان يكون مدركاً لمهمته ، وليعذرنا اولئك الذين سيفوزون لاول مرة حين سيثبتون انهم يعانون من امية برلمانية ، وحين نتصيد عامدين هفواتهم.

..والسلام على من اتبع الهدى،،.

الدستور