يبدو أن الحكومة حسمت خيارها بخصوص الية الدعم واختارت البدل النقدي , وما تبقى هو التفاصيل .
المقصود بالتفاصيل هو تحديد سقف الدخل لحصر المستحقين للدعم , بينما أن التسريبات تتحدث عن أرقام متباينة قدمتها الجهات المعنية , وهو ما يؤخر الإعلان عن الآلية التي يفترض أن تكون قد أعدت ,فالتباين المشار اليه في دراستين لسقوف الدخل المستحق للدعم فيهما فارق كبير ينعكس على عدد المرشحين للإستفادة من الدعم وبالتالي مقدار الكلفة التي يفترض أن ترصد في موازنة العام المقبل .
صحيح ان تحديد سقف الدخل ومقدار الدعم وبالتالي عدد المستحقين مهم ,لكن الأهم هو أن تحظى الآلية المرتفبة بالقبول وأن تكتسب الديمومة , وقبل هذا وذاك أن ترتبط بأرقام التضخم صعودا وهبوطا .
أهمية التحول الى دعم المواطن بدلا من السلعة لا يكمن فحسب في تحميل القادرين والوافدين وغيرهم الكلفة الحقيقية , بل في إزالة تشوه مالي مرهق وفي تحقيق العدالة , عندما يتم مساندة الشرائح الفقيرة وتدعيم الطبقة الوسطى.
معسكر رفض مبدأ تبديل سياسة الدعم بغض النظر عن الآلية , يتحدث بإستمرار عن أن دولا كبرى لم تتخل عن الدعم كوسيلة حتى عندما بلغت سياسات اللبرلة وإقتصاد السوق الحر ذروتها , لكن تلك الدول أفلحت في إبتكار اليات تناسبها , ولا ننس أن الدعم عبر برامج الإعالة في الولايات المتحدة مثلا ذهب الى الشرائح الأوسع من الأميركيين السود في إثر إضطرابات أشعلها التمييز والبطالة , وقامت بها شرائح وصفت ولا تزال بالشرائح غير المنتجة .
المواطن المستحق لن يشعر بقيمة الدعم ما لم يكن ملموسا , وما هو ملموس في ثقافة الإستهلاك السائدة هو ما يقبض باليد , فهذا الهدر المتواصل من المال لا يبدو أنه يؤدي النتيجة المطلوبة , لأن الدعم المباشر لا يمكن أن يحقق العدالة , ما دامت جميع الشرائح تنعم بفوائده .
تعزيز دور الدولة في حماية الشرائح الفقيرة , لا يعني أن يكون الدعم مطلقا وعاما عندما يذهب للسلعة بدلا من أن يذهب للشرائح المعنية , فحجم المال المنفق في دعم السلع أكبر مما لو وجه لصالح الشرائح المستهدفة وكله ممول بالإستدانة .
الحكومة أعلنت عزمها إعداد آليات جديدة لإيصال الدعم المباشر لمستحقيه، بالتخلي عن دعم السلع كما هو قائم حاليا. وفي الجزء الاول من هذه الخطة، سيتم إعادة تحديد الشرائح والكلف الحقيقية للمحروقات والكهرباء والخدمات الأساسية، وتحييد المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط بواسطة آلية الدعم , أما الجزء الثاني فهو تحرير الأسعار مرة والى الأبد