مايريده الإسلاميون من الدولة
تخرج قيادات الاخوان المسلمين ، عن صمتها ، فتلتقي عدداً من الكتاب ومراسلي الفضائيات والصحف ، في ليلة باردة ، انهمر فيها المطر الغزير قبل يومين ، فيما كان حوار الساعات الثلاث ساخناً جداً.
رموز الاسلاميين من المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين الدكتور همام سعيد ، والشيخ حمزة منصور امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي ، ، وقياديون معروفون كالدكتور ارحيل الغرايبة ، والشيخ زكي بني ارشيد رئيس الدائرة السياسية في الحزب ، والسيد فرج شلهوب ، والشيخ نمر العساف الذي جرى اللقاء في منزله ، ، كل هؤلاء كانوا في اللقاء.
الاسلاميون كشفوا تفاصيل كثيرة ، بعضها جديد ، وبعضها الاخر معروف ، واستمعوا الى اراء الكتاب والاعلاميين في عصف ذهني مفتوح ، حول كل القضايا ، واتسم اللقاء بمرونة هائلة وسعة صدر في النقد تجاه الحركة الاسلامية ، وتجاه مكونات الحياة السياسية في الاردن ، وهذه احدى مزايا اللقاء الذي ضم اتجاهات مؤيدة للاسلاميين ، وبعضها حيادي ، وبعضها الثالث يعد خصماً سياسياً للإسلاميين.
هذه ميزة ايضا للذين تربوا في حضن الاخوان المسلمين اذ انهم يتسمون بأدب بالغ حتى وهم ينتقدونك او يخالفونك ، وهذا نتاج فكر الحركة القائم على التسامح وعدم اقصاء الاخر او العنف او الدموية.
الاثارات كثيرة ، من الملكية الدستورية الى الاصلاحات على الدستور ، مرورا بالعلاقة مع الحكومة الحالية ، واجواء الانتخابات النيابية السابقة التي قاطعها الاسلاميون ، والتي قبلها ، والانتخابات البلدية ، ومحاربة الفساد ، وقوانين الاصلاح السياسي ، ووضع البلد وبيع شركاته واراضيه ، وصولا الى لقاءات الحركة الاسلامية مع مسؤولين في الدولة وانطباعاتهم.
الاستنتاج الاهم الذي تخرج به من اللقاء ان الحركة الاسلامية ليست تصادمية كما هو معروف ، وتريد اصلاحات سريعة ، وتشعر ان هناك تحفظاً لدى الاسلاميين وانهم يشعرون دون ان يعلنوا ان الاصلاحات لن تكون سريعة ، وان اول الاصلاحات قد تأتي على قانون الاجتماعات العامة ، وان الاصلاحات على قانون الانتخابات سيكون محدودا وجزئيا ، خصوصاً ، في ظل بقاء الصوت الواحد.
لايصف الاسلاميون مرحلة رئيس الوزراء الحالي باعتبارها سلبية ولا ايجابية ، لكنهم ينتظرون من رئيس الحكومة الحالي الوفاء بتعهداته ، خصوصاً في ظل ما يقوله انه لم يكن مسؤولا عما جرى في انتخابات 2007 ، والواضح ان الاسلاميين يريدون مؤشرات على تغير النية تجاههم.
ربما ابرز هذه المؤشرات اعادة جمعية المركز الاسلامي الخيرية لهم ، ثم خطوات اخرى ، ويجري الحديث حول ضمانات الاصلاح ، واشتراطات التغيير حتى يقرر الاسلاميون المشاركة في الانتخابات البلدية او عدم المشاركة.
اجواء اللقاء تقول لك ان قرار الاسلاميين بدعوة هذا التنوع في لقاء واحد يراد منه إيصال رسائل كثيرة ، واذ يستذكر الشيخ زكي بني ارشيد ما قاله ذات مرة بأن جو البلد مليء بالغاز ، وانتقادنا له على هذا الكلام ، فهو يدلل على صدقية كلامه القديم ، بما رأيناه من مطالب في كل مكان ، وهو رأي اجمع عليه كثيرون حول ان سقوف المطالب الشعبية في الاردن ترتفع يوماً بعد يوم ، وان التعامل السريع مع هذه الطلبات امر واجب قبيل ان يصبح التعامل مكلفاً.
في المعلومات المتسربة من هوامش اللقاء ان الاسلاميين يعدون العدة للمشاركة في مسيرة واسعة وسط البلد ، الجمعة المقبلة ، خصوصاً ، ان الاعتداء على المتظاهرين يوم الجمعة الماضية ترك اثراً سلبياً ، وتسمع من قيادات الاسلاميين كلاما انهم جاهزون للتشبيك مع القوى الحيوية الاخرى من معلمين وعمال ونقابات من اجل تغييرات عميقة على مستوى قضايا البلد.
تستشف ان هناك رضى اسلامياً لا بأس به على اجواء الانفتاح في البلد ، لكنك تلمح حذرهم من الافراط في التفاؤل بكون هذه الاجواء وظيفية وتنفيسية.
تم استحضار نماذج تونس ومصر وليبيا واليمن ، وقراءة دلالتها على الداخل الاردني ، وكان الواضح ان لا أحداً يريد نقل هذه التجارب بحرفيتها الى الاردن ، وهناك شبه اجماع على ضرورة البدء اردنيا بإصلاحات شاملة ، تحصينا للداخل الاردني ، وقد اشارت قيادات الحركة الى انها تريد حوارا شاملا وترحب به ، شريطة ان يفضي الى نتائج على الارض.
مايريده الاسلاميون من الدولة ، ثابت ومتعدد الجوانب ، وماتريده الدولة من الاسلاميين ، متغير وفقا للمراحل ، ولربما افضل الصور هو عدم خسارة الحركة الاسلامية ، والوصول معها الى قواسم مشتركة ، لان تأثيرها على الشارع الاردني مرتفع ، وقد عانت الحركة طوال سنوات من التضييق والاقصاء.
هذا يفسر سر تقديرها للقاء مع الملك ، لانه اول لقاء جماعي لقيادات الحركة مع الملك ، على مدى احد عشر عاماً بعد ان كانت اللقاءات تجري على صعيد رمز واحد بشكل منفرد او رمزين في حالات اخرى.
رسالة الاسلاميين في لقاء الثلاث ساعات تقول:نريد اجراءات على الارض تثبت ان هناك تجاوباً مع ما طرحناه ، وما طرحه غيرنا.
الدستور