ماذا طرح رؤساء الوزراء في لقاء الملك
يأتي لقاء الملك مع رؤساء الوزراء السابقين بعد سلسلة من اللقاءات التي تمت مع بعض الاوساط السياسية في البلاد , وان كان اللقاء يعبر عن رغبة ملكية بالتعرف على وجهات نظر من التقاهم الا انه يعبر عن حالة القلق التي تسود البلاد من تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية, وعدم تقدم قضايا الاصلاح.
الاعتقاد السائد بين مختلف الاوساط السياسية والشعبية ان بعض من شارك في الاجتماع من رؤساء وزراء سابقين يتحمل المسؤولية المباشرة عن تدهور الاوضاع الاقتصادية في البلاد واتساع مظاهر الفساد وتورط حكوماتهم بشكل مباشر بقضايا الفساد سواء كان فسادا سياسيا او اداريا او ماليا, منهم من يجاهر بالاعتراف بتزوير الانتخابات في عهده ويحمل الاجهزة الامنية مسؤولية ذلك متناسيا انه صاحب الولاية ويتحمل المسؤولية المباشرة دستوريا, وهناك من يصر على ان الانتخابات التي تمت في عهده نزيهة رغم الفضائح والاعترافات بالتزوير, فالفساد السياسي المتمثل بحرمان الشعب الاردني من اختيار ممثليه بانتخابات حرة ونزيهة, يشكل المدخل الرئيسي لانتشار مظاهر الفساد في مختلف ميادين الحياة, وان لم يكن كذلك كيف تمكن الفاسدون من الاستيلاء على ثروات البلاد, وهل هبط الفاسدون من كوكب اخر بغفلة من الزمن, ان شبهة الفساد حول العديد من المشاريع والمؤسسات منها " امنية والموارد والمصفاة والكازينو واراضي العقبة وصفقات الخصخصة المتعددة وابرزها فضيحة امتياز شركة الفوسفات التي تمتد الى كافة البلاد وحتى نفاد الثروة الوطنية, بالاضافة الى صفقات شركة توليد الكهرباء المركزية والاتصالات وغيرها" ناهيك عن تورط بعض الحكومات بالتنازل عن اراضي الدولة " . وقد تناقلت بعض الاوساط الصحفية معلومات تشير ان عددا من رؤساء الوزراء السابقين يخشون من اتساع دائرة التحقيقات بقضايا الفساد لتطالهم , معتبرين اللقاء نوعا من التطمين .
في المقابل تناول بعض الرؤساء السابقين قضايا جوهرية تتعلق باسباب الازمة التي تمر بها البلاد وتفسير عدد من الظواهر, وكان ابرزهم الاستاذ احمد عبيدات رئيس الوزراء الاسبق ورئيس الجبهة الوطنية للاصلاح, تقدم برؤيته حول التساؤلات المطروحة "الى متى يستمرالحراك" مؤكدا انه لا بد من طرح السؤال الاخر لماذا نش¯أ الحراك ولماذا استمر ومتى سيتوقف, مؤكدا ان الاردن كباقي الدول العربية التي شهدت حراكا شعبيا من اجل تحقيق الحرية والديمقراطية والقضاء على الفساد والاستبداد, مع الفارق ان الحراك هنا طرح اصلاح النظام وليس اسقاط النظام, والشعار الرئيسي في الشارع الاردني " الاصلاح ومعاقبة الفاسدين ", وعلى الرغم من بعض الخطوات المحدودة والمتواضعة في هذا المجال الا ان قضايا الفساد ما زالت خارج الاستهداف, وهناك قضايا من الوزن الثقيل لم تفتح ملفاتها, ويتساءل عبيدات لماذا استمر مجلس النواب لغاية اليوم وقسم منه جاء عن طريق التزوير, وعلى الرغم ان الدستور الاردني ينص على ان نظام الحكم في البلاد نيابي ملكي وراثي الا ان الجزء الاهم والرئيسي من النص الدستوري معطل, بتزوير ارادة الشعب. الفساد السياسي والاداري والتشريعي قزم السلطات الثلات وشوه الحياة السياسية في البلاد, لم يعد لدينا سلطة تنفيذية تتمتع بالولاية الكاملة على البلاد, كما فقدت السلطة القضائية استقلاليتها.
اما التعديلات الدستورية التي تمت على اهميتها, الا انها غير كافية, وبدلا من التفكير بانهاء الحراك يجب ان ينصب التفكير بمعالجة قضايا الاصلاح السياسي ويبدأ باصلاح الدستور, بحيث يتضمن نصا واضحا باعطاء كتلة الاغلبية حق تشكيل الحكومة . اما المحكمة الدستورية فقد حرمت من هم اصحاب الحق في الطعن بالقوانين. وعلى الحكومة استعادة كافة الاراضي الى خزينة الدولة, مشيرا انه في حال وجود مشاريع تنموية يمكن تخصيص الارض المناسبة لها.
الانتخابات وقانونها وموعدها احتلت جزءا مهما في اللقاء, اختلفت الاراء بين التسريع والتروي باصدار قانون الانتخاب وهناك رأي يتبناه الرئيس ان هناك ما هو اهم من قانون الانتخاب, اصدارقانون الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات وتشكيل طاقمها ضمانا لنزاهة الانتخاب, بالتأكيد الموضوع لا يتعلق بالتسرع او التروي , لكن هذا الموضوع يجب ان يحتل اولوية اهتمام الحكومة باعتباره اهم القوانين الناظمة للحياة السياسية في البلاد, واكد عبيدات على ضرورة البدء بالعمل لانجاز قانون انتخابات ديمقراطي توافقي يراعي المصالح الوطنية للبلاد, كما طالب الاعلام الرسمي بالعمل وفق معياروطني واضح . كما جرى التأكيد على القضايا الاقتصادية وتوجيه اموال الخزينة نحو اولويات الشعب الاردني لتحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة مخصصات الصحة والتعليم , وتخفيض نفقات الجهاز العسكري .
وعلى اهمية ما دار في اللقاء من قضايا جوهرية المهم متى ستباشر الحكومة مهامها في معالجة قضايا الاصلاح المتعددة, وكيف ستواجه اسباب حالات الانتحار التي تكررت في اليومين الماضيين, تعبيرا عن سخطهم على الظلم والقهر والجوع والاستبداد الذي استشرى في البلاد.
العرب اليوم