لهذه الأسباب لا يريدون دفع دولار للفلسطينيين!

لهذه الأسباب لا يريدون دفع دولار للفلسطينيين!
الرابط المختصر

على الأرجح هذه المرة ان لا يتم دفع المال بشكل كبير لغزة، بعد العدوان، من جانب عواصم عديدة، لاعتبارات كثيرة في هذا الاطار.

في الحربين السابقتين تمت مساعدة غزة مالياً بوسائل كثيرة، بعد كل حرب، غير ان هذه الحرب تأتي في سياق مختلف تماما، يتعلق بالتعامل مع حماس باعتبارها تنظيما تابعا لجماعة الاخوان المسلمين، ويراد بعد الربيع العربي، تحطيم هذا المعسكر تماماً بما في ذلك حركة حماس.

العواصم تعرف ان الحاضنة الاجتماعية لحماس يجب ان تدفع ثمنا لقبولها حماس، وهذا يفسر حجم الاضرار في الحاضنة الاجتماعية، الاطفال الابرياء، المدنيين، المدارس، الطرقات، آلاف العقارات المهدومة، الشهداء والجرحى،مئات الاف اللاجئين الجدد، والتقديرات تؤشر على خسائر مالية تصل الى اربعة مليارات دولار، فوق الخسائر البشرية.

بالطبع خسائر اسرائيل اكبر وتصل ما بين خسائر الجيش الاسرائيلي وكلفة العمليات، وخسائر السياحة والاقتصاد الى اكثر من عشرة مليارات دولار.

الفرق بين الحالتين، واضح، فإسرائيل ستحصل على دعم مالي غربي، وعلى وسائل عديدة لتعويض الخسائر المالية هنا، بالتدريج، فيما غزة على الارجح سيتم حرمانها من أي دعم مالي كبير وجذري، الا في احد ثلاث حالات.

لماذا لن تتم اعادة اعمار غزة بشكل كبير، وسيتم تركها لواقعها الحالي، بأستثناء مساعدات اغاثية ومالية قليلة، لاتؤدي الى تغير الوضع وعودته الى سابق عهده في غزة؟!.

السؤال مهم، والاجابة ليست صعبة، فعواصم كثيرة ستتعمد حرمان حماس تحديدا من ثمن مقاومتها، وبحيث لا تقطف أي ثمرة وبحيث تعجز عن العودة بثمن اجتماعي لحاضنتها الشعبية في غزة، وبحيث يصحو الناس من الحرب وقد خسروا كثيراً، فيما تصبح حياتهم جحيما، فوق مئات الاف اللاجئين الجدد.

وفقا لمن يخططون يراد من هذا الاتجاه خلق حالة انفضاض شعبية عن حماس، وقلب الاجواء الى حالة غضب، خصوصا، مع عدم حصول تسوية تؤدي الى رفع الحصار، وفتح المعابر.

هذا يفسر ايضا رغبة اسرائيل بالانسحاب الاحادي، او ترويج البعض لقرار في مجلس الامن يوقف القتال، وهذا ما تريده اسرائيل أي الخروج من المعركة دون دفع أي ثمن لحماس، وبحيث تبدو حماس خالية اليدين من أي نتيجة لهذه المقاومة على صعيد حياة الناس، فلا معابر تم فتحها، ولا حصار تم رفعه، ولا مال لتعويض الناس او اعادة الاعمار.

النتيجة المقصودة قلب مزاج الناس تجاه حماس كليا، وتجاه معسكر الاخوان المسلمين، باعتبارهم دخلوا في معركة ولم يعودوا بأي نتيجة دنيوية، فيما النتيجة الاخروية محسومة ولا يناقش حولها اساساً.

كل هذا يقول ان عواصم عدة ستتجنب رفع الانقاض في غزة، وسيعمدون الى تركها مدمرة، حتى تدفع حماس ثمن مقاومتها، وحتى تخسر حاضنتها الشعبية، والامر ذاته ينطبق على اسرائيل، التي لا تريد الذهاب لتهدئة او صفقة حتى لا تضطر لدفع ثمن سياسي لغزة، يرتد ايجابا على حماس.

هكذا هي المعادلة وسيتم كسرها في أحد ثلاث حالات سبق ان اشرت لها، اولهما حدوث خرق في المشهد، عبر اضطرار اسرائيل وتحالفاتها لدفع ثمن لغزة، مجبرين غير مختارين، وهذا يعني ان حماس عليها استدراج اسرائيل لمواجهة عسكرية اصعب، بطرق مختلفة، بحيث يصل الوضع الى مرحلة تركع فيها اسرائيل وتتنازل عن فكرة عدم دفع الثمن للمقاومة.

الحالة الثانية حدوث تسوية سياسية اوسع، بخصوص، كل الملف الفلسطيني، ووضع الضفة وغزة، ودخول المقاومة طرفا في تسوية مقنعة، وهذا طبعا احتمال قليل جدا، لما نعرفه عن اصرار اسرائيل على الاحتلال، ولكون المقاومة محكومة بمعايير معينة غير قادرة على تجاوزها.

الحالة الثالثة تمكن الفلسطينيين من تفجير انتفاضة ثالثة في القدس والضفة والثمانية والاربعين، وحدوث عمليات عسكرية في كل مكان تؤدي فعليا الى ركوع اسرائيل واضطرارها ومن معها الى حل مشكلة غزة جذريا، ودفع ثمن لغزة باعتبار انها الاكثر تضرراً.

مابين المال الشحيح، وانسحاب اسرائيل احادياً، فإن السر المخفي يقول ان كل الاطراف اتفقت على عدم دفع أي ثمن لحماس، وتقرر تركها وحيدة امام حاضنة اجتماعية غاضبة جراء الاضرار، وهذا منهج يفترض ان انقلاب الشارع الغزي مؤكد، بعد قليل، وهذا امر يجب ان يخضع للاختبار، لكونه غير محسوم.

حتى الدول التي تتبنى حماس، وتتحالف مع الاخوان المسلمين، قد تكون محاطة بعوامل ضاغطة سراً لعدم دفع مبالغ كبيرة لاعادة الاعمار، وهي ايضا قد تعلن عن مبالغ كبيرة، لكنها لن تتمكن من ايصالها لاسباب فنية، وكل هذا يقول ان حرمان المقاومة من أي ثمن سياسي او اجتماعي، هو الجزء الثاني من عملية الجرف الصامد، الا اذا تحققت احد الحالات الثلاث التي تمت الاشارة لها.

الدستور