لنقف ونفكر قليلا

لنقف ونفكر قليلا
الرابط المختصر

الحقيقة أنها مبادرة تلهب الخيال تلك التي طرحها ارحيل غرايبة وزملاؤه. وليس جديدا بالتأكيد طرح أطر ائتلافية جامعة على قاعدة هم وطني مشترك، يتجاوز الحواجز الأيديولوجية والمصالح السلطوية.

لكن الجديد أن الطرح يأتي من شخصيات إخوانية وازنة، ضاقت ذرعا بالعباءة الحزبية والسياسية الضيقة، وتريد التلاقي في قوس قزح وطني للبناء والإصلاح.

ومرة أخرى، ليس جديدا انشقاق شخصيات معتدلة عن الإطار الإخواني، لكن الجديد هو أن الفكرة ليست انشقاقية، وغير معنية بخلق إطار سياسي منافس لجبهة العمل الإسلامي، بل هي أساسا لا تبحث عن المنافسة والمغالبة، بل عن التلاقي على مشروع وطني يتجاوز الحواجز السياسية والحزبية.

وهي بهذا تختلف جوهريا عن الصيغ السقيمة لهيئات التنسيق الحزبي التي يجتمع فيها أمناء الأحزاب، ومنها لجنة تنسيق أحزاب المعارضة؛ أو حتى جبهة أحمد عبيدات التي تضم الأحزاب نفسها مع بعض المستقلين، لكنها أبعد ما تكون عن العنوان المنشود لطيف واسع من التلاوين الاجتماعية والسياسية التي تنشد التغيير.

أيا يكن الأمر، فالقضية في المدى المنظور هي تقديم برنامج إجماع أو شبه إجماع وطني لتجاوز عنق الزجاجة، وتحقيق التحول المنشود.

ويمكن للمشروع المقترح من غرايبة وزملائه أن يتحول إلى برنامج توافق وطني مرحلي، بملامح وخطوات محددة، تسهل على صاحب القرار حزم أمره.

فالانتخابات النيابية المقبلة مشروع مأزوم سلفا.

وعلى ما أرى، فإن الحماس للانتخابات في أدنى مستوياته، وليس هناك اعتقاد بأنها ستكون محطة تحول؛ بل هناك مخاوف أو كابوس يلاحقنا، بأن تأتي الانتخابات بمجلس ركيك وضعيف.

ما الحل إذن؟ لقد لاحظنا تحولا براغماتيا ملفتا من الإخوان، يقبل عودة البرلمان المنحل. ويمكن أن نتخيل مشروعا محددا وواضحا لبضعة قوانين اقتصادية وسياسية، وإجراءات ينبغي اتخاذها ويدعمها البرلمان، وفي مقدمتها طبعا تعديلات توافقية على قانون الانتخابات النيابية، يمكن التفاهم عليها سلفا قبل عودة المجلس، بحيث نذهب جميعا إلى الانتخابات النيابية المقبلة بروح الدخول إلى حقبة جديدة مختلفة، وفي ظل مناخ اجتماعي واقتصادي مختلف.

ويمكن في هكذا أجواء أن نرى اندفاع أفضل وأقوى الفعاليات الوطنية؛ تقبل على المشاركة في الانتخابات بدل حالة الاستنكاف الراهنة.

أخشى أن نقترب كثيرا من الانتخابات مع استمرار حالة العزوف والفتور الراهنة.

وبعد قليل، حين يبدأ الإعلام الرسمي بتقديم البرامج والإعلانات الترويجية التي تحث الشباب على المشاركة وتطوير أسلوب الانتخاب ومغادرة المعايير التقليدية و"اختيار الكفاءات الفضلى"، أخشى أن يصيح بنا الشباب: أين هم الأفضل لنختارهم؟

الغد