لماذا يتاورى المسؤولون عن عيون الناس؟
ابواب المسؤولين الكبار موصدة أمام عباد الله من أصحاب الحاجات ، وهواتفهم مغلقة ، وإن كانت مفتوحة فهي في حوزة السائق أو الحاجب أو السكرتيرة ، وكم من مواطن شكا بمرارة وحرقة وحقد من عجزه عن الوصول إلى المسؤول "الكبير" بعد أن فشل الصغير في حل مشكلته ، وعادة ما يلجأ هذا المواطن إلينا نحن الكتاب والصحفيين ، على أمل أن نتحول إلى كتبة استدعاءات ، أو وسطاء كي نوصل صوته لصاحب الشأن ، وهذه مهمة مقدسة وشريفة و"مش عيب" لكنها فائضة عن الحاجة ، ولا لزوم لها ، لو اختفت الحجب والستائر بين المسؤول وصاحب الحاجة ، إذ أن هذا المسؤول مكرس أصلا لخدمة البشر ، بمعنى أكثر وضوحا ، ليس من حق المسؤول أن يحتجب ما دام يحمل في جيب بنطاله مفاتيح حل مشكلات البشر ، وإن أراد أن يغيب فليفعل ، لكن عليه أن يفوض صلاحياته "المقدسة" لمن يستطيع أن يحل مشاكل الناس ، أو أن يتنحى ويترك المجال أمام من لا يقرف من مقابلة عامة الناس ، ومباشرة مصالحهم،
نفهم أن سياسة الأبواب المفتوحة جدا ، قد تجلب ما هب ودب من طلاب الوظائف والواسطات وأصحاب المصالح العوجاء ، ونفهم أن يتوارى المسؤول من أجل أن ينجز أكثر ، وينشغل بما هو أهم من "طق الحنك" مع الفارغين من الزوار ، لكن ما يحصل أن معظم مسؤولينينا الكبار ، يتخذون هذا الأمر ذريعة للاحتجاب ، بحجة الاجتماعات والانشغال الدائم ، فيما هم منهمكون في "تشغيل" صفحاتهم على الفيسبوك والتويتر،
إن الأسوار العالية التي يختبىء وراءها المسؤول ، قد تفوت عليه فرصا خطيرة وكبيرة سيندم أيما ندم حين يعلم أن طالب المقابلة ، ربما يحمل شيئا خطيرا يستحق أن يسمع ويدرس ، وليس من الحكمة في شيء أن تحول انشغالات هذا أو ذاك من المسؤولين عن رؤية الناس ، الذين قد يرون ما لا يرى ، مما قد يفيد في الصالح العام أيما فائدة ، ذلك أن المسؤول مهما أوتي من حصافة الرأي ، وبعد النظر وغزارة المعلومات ، يحتاج لرؤية الأشياء بعيون الآخرين ، الذين هم على تماس مع نبض الشارع والناس العاديين،
هل يخاف بعض المسؤولين من الاختلاط بالعامة؟ أم هل يخشون من رؤية أنفسهم في مرآة الآخرين ، فيحتجبون؟ ربما ، لكن ما هو مهم هنا ويجب أن يقال ، أن المسؤول الذي يعزف عن رؤية البشر سيعزفون هم عنه أيضا ، ويسقطونه من حسابهم ، ولن يجد حين يغادر كرسي المسؤولية من يقول له صباح الخير