لماذا نطالب برفع الحد الأدنى للأجور؟
تقوم بعض الشخصیات الحكومیة وبعض ممثلي قطاع الأعمال بالترویج لمقولة إن رفع الحد الأدنى للأجور یضعف النمو الاقتصادي، وھي مقولة یجانبھا الصواب، لا بل وعلى العكس من ذلك، فإن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور المساھمة في تحفیز النمو الاقتصادي.
الحد الأدنى للأجور كأحد أدوات السیاسات الاجتماعیة والاقتصادیة، تستخدمه الحكومات لضمان الحد الأدنى من الدخل للعاملین بما یضمن حیاة كریمة لھم، ولتمكینھم من مواجھة الارتفاعات المتتالیة للأسعار.
فالحكومات تستخدمه أیضا كأداة للتحفیز الاقتصادي، لأن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور المساھمة في زیادة الطلب العام على استھلاك السلع والخدمات، ما سیساھم في زیادة معدلات النمو الاقتصادي.
وفي ظل حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعیشھا منذ عدة سنوات، على الحكومة استخدام ھذه الأداة لتحفیز الاقتصاد، الى جانب الأدوات الأخرى التي تسھل توسع قطاعات الأعمال المختلفة.
نطالب برفع الحد الأدنى للأجور لأنه سیعمل على تحسین مستویات الأجور المتوسطة والمنخفضة بشكل عام في الأردن، وبالتالي سیؤدي الى تحسین مستویات المعیشة، وسیساھم في تعزیز منظومة الحمایة الاجتماعیة من خلال تقلیل ملموس في أعداد الفقراء، وسیساھم في تقلیل التفاوت الاجتماعي.
زیادة الحد الأدنى للأجور أصبح ضرورة قصوى في الوقت الراھن؛ إذ إنه متوقف منذ عامین عند مستوى منخفض 220 دینارا شھریا، وھو لا یتلاءم مع مستویات غلاء المعیشة التي نشھدھا، خاصة وأن معدلات ارتفاع الأسعار خلال العامین الماضیین قاربت على 9%.
للأسف ھنالك قطاعات واسعة من منشآت الأعمال یتعاملون مع الحد الأدنى للأجور باعتباره الأجر الطبیعي للعاملین، لذلك ھنالك عشرات الآلاف من العاملین في الأردن رواتبھم لا تزید على الحد الأدنى للأجور، مع انه یجب ان یعطى فقط للعاملین غیر المھرة الذین یدخلون سوق العمل لأول مرة.
ولأن مسؤولیة الدولة مكافحة الفقر، فإن من شأن رفع الحد الأدنى للأجور المساھمة في وضع حد لتنامي ظاھرة العاملین الفقراء؛ إذ إن اعدادھم أصبحت في تزاید مستمر، وتشیر أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والتي تغطي العاملین بشكل نظامي فقط، -لا یزیدون عن 60% من مجمل القوى العاملة في الأردن- الى أن ما یقارب 30% من العاملین في الأردن رواتبھم تقل عن 300 دینار شھریا.
وأستطیع التأكید في ھذا المجال أن مخاوف البعض في القطاع الخاص من أن رفع الحد الأدنى للأجور سیزید الضغوط على القطاع الخاص الذي یعاني الكثیر غیر مبررة، وقائمة على فرضیات غیر دقیقة، لأن الأجور في الأردن والحد الأدنى لھا لیست عبئا على منشآت الأعمال، الأعباء الأساسیة تأتي من مصادر أخرى، مثل ارتفاع أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج غیر البشریة وضعف الإدارة والإنتاجیة وغیرھا.
وأستطیع التأكید أیضا أن غالبیة القطاع الخاص "المنظم" لن یتضرر من رفع الحد الأدنى للأجور، فالغالبیة الكبیرة من العاملین فیه تزید رواتبھم بشكل كبیر على الحد الأدنى للأجور. لا بل إن غالبیة القطاع الخاص سیستفید على المدیین المتوسط والبعید من رفع مستویات الأجور بشكل عام، لمساھمته في زیادة الطلب العام على السلع والخدمات.
صحيفة الغد الأردنية