لماذا إطالة عمر الحكومة؟

لماذا إطالة عمر الحكومة؟

التعديل الوزراي يطيل أمد الحكومة، ولصاحب القرار فلسفة في هذا قد لا يدركها كل الجمهور، لأن وجود الحكومة ومجلس النواب مرتبط الآن بأجندة التغييرات الوشيكة إن في القوانين الثلاثة التي أجرت عليها لجنة الحوار الوطني تعديلاتها، أو فيما يخص لجنة مطالعة الدستور والتعديلات المقترحة عليه.

طبعا إجراء التعديل الوزاري لم يجد ارتياحا لدى كثير من القوى السياسية، ووجد تفهما من لدن بعض آخر، وإن كان قليلا جدا، أما شعبيا فلا أحسب الكثيرين ارتاحوا له، لأنهم متحرقون شوقا لتغيير الوجوه، علما بأن أي وجوه جديدة قادمة ستجد رفضا مسبقا، على طريقة: تسقط الحكومة القادمة، حتى قبل أن نعرف من هي، وما برنامجها! من الصعب بل من المستحيل أن يُجمع الناس على شخص ما، لأنهم أصلا غير مجمعين على رب الناس، فكيف يجمعون على أحد من الناس؟ حيث تجد بينهم المؤمن والملحد واللاديني، ما يهم -حين نتجاوز إشكال تغيير الوجوه- أن نتطلع إلى برنامج الحكومة المعدلة، إن كان لديها برنامج جديد غير ما نعرفه وغير ما خبرناه خلال الفترة الماضية.

ملاحظات سريعة تنثال على الذهن، بين يدي التعديل الحكومي، نضعها في نقاط سريعة، لعل فيها شيئا من الفائدة.

أولا: مطلوب من الحكومة أن تخلع ثوب البطء والسير السلحفائي، لأن الصورة التي ارتسمت في أذهان القوم أنها لا تضبط إيقاع إنجازها مع الحراك الساخن في الشارع الشعبي والنخبوي، رغم أنني سمعت الرئيس يقول انه يعمل في اليوم ست عشرة ساعة، هذا طبعا مقدر ومتفهم، لكن المطلوب رؤية الإنجاز لا كثرة ساعات الدوام، الوقت يمر بسرعة، والضغوط هائلة، والأزمات تتراكم، خاصة في المجال الاقتصادي، ولا أفق يبدو للتنفس، وما لم يغذ المسؤولون الخطى سريعة نحو الإنجاز فستكون الخسارة بالغة على غير صعيد!.

ثانيا: تناهى إلى سمعنا ان ثمة رغبة عميقة في إجراء تعديلات دستورية جذرية، تعطي المجال للفصل بين السلطات، وتعزز دور مجلس النواب، وتقلص تغول السلطة التنفيذية، وتكفل إجراء انتخابات في بيئة صحية تماما، وعلمنا أيضا أن هناك رفضا من قبل أشخاص وجهات مسؤولة لهذا التغيير الجذري، فإن كان هذا صحيحا، فنحن ندعو الحكومة لأخذ دورها السيادي في التأثير على هؤلاء، والتقاط الرسالة وتنفيذها، لأن في هذا خيرا كبيرا لأردن الغد، الذي يجري العمل على صنعه اليوم والتخطيط له، فليس من حق أحد أن يعود بالبلد إلى الوراء، فهو زائل والبلد باق للأجيال القادمة، وعلى الحكومة ان تمارس دورها في تحقيق رؤية الملك ومواكبه أفكاره التطويرية، ليس هذا فحسب، بل عليها ابتداع أفكار جديدة، تعزز من توحيد المجتمع، ووضعه على طريق السلامة، بعد الانشقاقات العميقة التي شقت الصف الوطني.

ثالثا: في الشرع ثمة سؤال يخطر في بال الكثيرين، عن حكم الصلاة وراء إمام وأنت كاره له، جاء في حديث ابن عباس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» يقول العلماء: العبرة بالكراهية التي تكون لسبب ديني، أما الكراهية لخلافات وأمور دنيوية فلا قيمة لها، كأن يكون الإمام مثلاً صاحب بدعةً داعياً لبدعته أو مخالفاً للسنة، أما إذا كان الإمام على عقيدة صحيحة وسيرة حسنة فلا يضره ولو كرهه كل المصلين. ونحن نقول للحكومة، قياسا على هذا الأمر، إن كانت على الطريق الصحيحة، وقامت بواجبها في أمر الولاية العامة، وأنجزت ما هو مطلوب منها، فلا يهمها إن كرهها الناس، وطالبوا بإسقاطها ليس كل يوم جمعة فحسب، بل كل يوم، ولكن الفيصل في هذا الأمر أن نرى منها ما يسر البال، ويجبر الخاطر، بعد أن رأينا ما رأينا خلال الفترة الماضية!.

الدستور

أضف تعليقك