لضبط انفلات الاسعار
هناك من يدعو لعودة وزارة التموين الى الواجهة من جديد في اطار اعتقاد البعض ان وجودها سيؤدي الى ضبط حالة الانفلات في اسعار السلع الرئيسية.
الاعتقاد الخاطئ سابق لعدة اسباب, فوجود الوزارة يعني ان هناك مشكلتين في السوق يجب مواجهتهما من خلال التدخل الحكومي وهما نقص في كميات المواد الرئيسية والحد من نمو ارتفاع الاسعار.
بالنسبة للمفهوم الاول فلا يوجد نقص في كميات السلع الرئيسية المستوردة من التجار بل على العكس هناك كميات كبيرة في المخازن, وبالتالي لا داعي لوجود تدخل حكومي في هذا الشأن.
القضية الثانية متعلقة بضبط الاسعار, وفي هذا الشأن وجود وزارة تموين هدفها ضبط نمو الاسعار, وهذا لن يجدي لأن الارتفاعات عالمية, او ان الحكومة قررت زيادة الدعم المالي المخصص للسلع الرئيسية وهذا الامر بات مستحيلا في ظل عجز مالي كبير غير مسبوق في خزينة الدولة, وبالتالي فلا يوجد اي اسباب لعودة وزارة التموين اساسا, فكيف ستواجه الحكومة حالة الانفلات في الاسعار على ضوء المعطيات السابقة?.
المطلوب اليوم تفعيل قوى السوق الحر وكسر الاحتكارات وتعزيز العمل بقانون الصناعة واللجوء فعليا الى المادة السابقة من القانون التي تتيح للحكومة تحديد سعر اية سلعة ترى ان هناك حاجة لذلك الاجراء.
طبعا هذا قد لا يعجب البعض على اعتبار انه تدخل في السوق يفترض من الناحية النظرية ان يكون حرا, لكن في الواقع هو ليس كذلك على الاطلاق, لان مستوردي السلع الرئيسية في المملكة لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد الواحدة.
ومن قال اساسا ان الحكومة لم تلجأ لتلك المادة القانونية في تحديد الاسعار, الم تتدخل الحكومة في تسعير بعض الادوية والمشتقات النفطية, فلماذا لا تُتّهم الحكومة بانها خالفت قواعد السوق الحر?, ولماذا لا نشاهد تذمرا واستياء او تهديدا من منتجي الادوية واصحاب محطات المحروقات ?.
الحكومة بحاجة اليوم الى حوار خفي مع التجار الرئيسيين بعيد عن الاضواء والضغط عليهم لتخفيف هوامش الربح العالية التي يحققونها جراء بيع تلك المواد الاساسية للمواطن, فبعض الارباح تصل الى اكثر من 30 بالمئة في حين انه من المفترض على ضوء السوق ان لا تتجاوز الـ 5 بالمئة, وباستطاعة الحكومة معرفة الهوامش الربحية من خلال البيانات الجمركية للتجار.
المواطن بحاجة الى تفعيل فوري لقوانين حماية المستهلك وتعزيز عمل مؤسسات المجتمع المدني القائمة بهذا الشأن, واعطاء حرية العمل لهم في سبيل حماية المستهلك الذي يقبع تحت وطأة تغول فئة من المحتكرين.
العرب اليوم