لا.. يا معالي الوزير!

لا.. يا معالي الوزير!
الرابط المختصر

الجامعات الحكومية في طريقها للوقوع في أسر قطاع التعليم العالي الخاص،  وللأخير مصالح يريد حمايتها،  ولن يحميها الا بوضع سياسات لمصلحة الجامعات الخاصة.

اليوم السبت اجتماع لمجلس التعليم العالي،  للنظر بتعديلات على قانون التعليم العالي في الاردن والذي يقرأ التعديلات يكتشف  ببساطة أنه لا إمكانية بعد اليوم لدخول اي عضو من هيئات الجامعات الحكومية،  كعضو في مجلس التعليم العالي.

سيتم منح اربعة مقاعد لأكاديميين هم بالضرورة من القطاع الخاص،  او الجامعات الخاصة،  فوق حصة القطاع الخاص المقررة بمقعدين.

هذا امر غير جائز ابدا،  فلماذا يتم نزع الشراكة في القرارات والسياسات من يد خبراء داخل الجامعات الحكومية،  ونقلها الى خبراء في الجامعات الخاصة،  والمعروف هنا ان مصالح القطاع الخاص،  ستؤثر بشكل واضح على كل ملف التعليم العالي في الاردن،  وستؤدي في المحصلة الى اضعاف الجامعات الحكومية،  لصالح الخاصة،  ما دام رجال الاخيرة في مواقع السياسات والقرار على غير مستوى؟!.

ذات التعديلات تنص بشكل واضح على استبعاد اي موظف عام من عضوية مجلس التعليم العالي، وهذا يعني ان الاستاذ الدكتور او الدكتور،  في جامعة حكومية،  ولكونه موظفا في جامعة حكومية ليس من حقه عضوية مجلس التعليم العالي، وبديله هنا من القطاع الخاص، اي الجامعات الخاصة، التي تريد اجتياح مجلس التعليم العالي، بما تعنيه من كلمة، وهذا يعني ان كل سياسات التعليم، ستصب لصالحها ولمصالحها المالية اولا.

ثم ان التعديلات الجديدة لا تناقش التعليم التقني في الاردن،  وبدلا من إعادة النظر في التعليم التقني،  وفتح برامج في الجامعات لتعليم مئات الاف الطلبة،  بما يفيدهم حقا،  بدلا من اطنان شهادات معلم الصف واللغة العربية والتاريخ،  الذين لا يجدون عملا،  لا داخل الاردن ولا خارجه،  ويتفرغون فقط للمشاجرات البهلوانية،  يتم طي صفحة هذا الملف،  رغم ان كل الدول المتطورة اليوم،  باتت تنزع للبرامج التقنية،  بدلا من شهادات الانسانيات التي لا تضر ولا تنفع،  ولم يعد لأغلبها داع هذه الايام.

التعديل الثالث اللافت للانتباه ما يتعلق بطريقة تعيين رئيس الجامعة الحكومية،  واسلوب عزله،  وفي التفاصيل سلب لاستقلالية الجامعة،  وتحول اي رئيس مقبل الى مجرد موظف عند مجلس الامناء،  كل مهمته ان يرضيهم،  خوفا من عزله.

هكذا يتحول رئيس الجامعة،  من رئيس الى مجرد مساعد للوزير منتدب في تلك الجامعة،  والذي يدقق في النص،  يكتشف ثغرات مهمة جدا،  عبر الصياغات، مع اقرارنا هنا ان قرار ازاحة اي رئيس ممكن رسميا، ورأيناه مرارا،  لكننا ما دمنا في موسم التعديلات فلا بد ان تكون تعديلات منصفة ومفيدة وايجابية.

اجتماع اليوم حساس جدا، ونريد من الرأي العام في البلد ثم  الحكومة والمسؤولين والنواب ، اضافة الى الوزير المختص،  التوقف مرارا عند مغزى هذه التعديلات.

هي تؤدي بالمحصلة الى طرد الجامعات الحكومية التي لا تتاجر بالطلبة الى حد كبير، من موقع السياسات والقرار،  لصالح الجامعات الخاصة،  فوق ان وجود الوزير او الامين العام في مجلس التعليم العالي،  غير كاف لسد النقص في تمثيل خبراء الجامعات الحكومية.

لا أحد يعرف ما إذا كان هؤلاء الرسميون اساساً لديهم القدرة في مرات على حماية التعليم في الجامعات الحكومية،  وعدم اعادة انتاجها،  لدفع الناس قهرا نحو الجامعات الخاصة؟!.

كلام يقال إبراءً للذمة،  دون ان نحمل هنا شكا في دوافع كثيرين،  غير انها النصوص التي تشي بانقلاب كامل على مستوى التعليم العالي في الاردن،  وتمدد للقطاع الخاص.

كل هذا يقول ان التعليم العالي في الاردن،  يشتد انحداره يوما بعد يوم،  تحت وطأة «الحيتان» ومصالحهم المالية،  ونفوذهم الممتد في كل مكان،  بما يؤدي الى تفصيل القوانين على مقاساتهم في حالات كثيرة،  والتعديلات الجديدة دفن- على الهواء مباشرة- للجامعات الحكومية.

لعل هناك من يشعل الاشارة الحمراء في وجه هذه التعديلات الجائرة!!.

الدستور