كيف نوقف عنف الجامعات؟

كيف نوقف عنف الجامعات؟
الرابط المختصر

مشكلتنا الأساسية في مواجهة عنف الجامعات اننا لا نتعلم من أخطائنا ومن تجربتنا التي خضناها على مدار عقدين من الزمان في التعامل مع هذه المشكلة. وأذكّر أننا في بداية التسعينيات واجهتنا مشكلة عشائرية هائلة أخذت ابعادا وطنية ودولية، استدعت عودة المغفور له جلالة الملك الحسين من خارج البلاد الذي عبّر وقتها عن غضبه الشديد من أن هذه المشكلة التي جرت بين طلبة جامعات جعلت الأردن حديثا للصحافة العالمية. وبناء على ذلك جرى تقييم دقيق لأسباب مشاكل العنف الجامعي، وتحديد طرق واستراتيجية محددة لإنهاء هذه الظاهرة الطارئة على بلدنا.

المحصلة الاساسية التي ما أزال أعتقد انها تصلح لتقييم مشهد العنف الجامعي اليوم، تمثلت في خلاصات كان اولها القناعة ان اسباب هذا العنف قد تتعدد وتتباين، وانه ليس من العملي او المنطقي الخوض في غمار إصلاح المشاكل التي قد تؤدي لإثارة مشاكل عنيفة في الجامعات، والاحرى توظيف وتطوير اساليب ردع تحد من هذه المشكلات وتوقفها مهما كانت الاسباب التي تقف خلفها او تثيرها. الخلاصة الثانية تمثلت في ضرورة إيقاف اسلوب "تطييب الخواطر" الذي كان يتبعه مسؤولو الامن في الجامعات مع الطلبة من اجل تهدئة الامور، واستبداله بتطبيق مغلّظ للعقوبات على من يشترك بمشاكل عنف جامعي وبدرجة رادعة تخيفه وتوقفه عن الاشتراك بمثل هذه المشاكل والمشاجرات. واخيرا، فلا بد من الحزم في تطبيق العقوبات، وأن لا تتم الاستجابة لاي تدخل او ضغط خارجي لتخفيفها. تطبيق هذه البنود وبحزم اوقف العنف الجامعي لسنوات طويلة.

عمداء شؤون الطلبة ورؤساء الحرس الجامعي ورؤساء الجامعات الذين يعتقدون أن دورهم يتمثل بالوسيط العشائري ويجلبون عددا متساويا من أبناء العائلات المتناحرة ويجلسونهم مقابل بعضهم بعضا لكي يتفاوضوا ويتفاهموا، هؤلاء هم من أجج مشاكل العنف الجامعي. رؤساء الجامعات الذين ينزلون للمسيرات حتى يهدئوا الطلبة مخطئون، وقد اساؤوا لانفسهم ولقانون العقوبات في جامعاتهم. لن يتوقف العنف إلا بعد ان يتم تطبيق القانون وبحزم مع هذه الفئة العنيفة من الطلبة، فهي فئة متحمسة لا تخشى ولا تدرك عواقب سلوكياتها.

الجامعات مناطق امنية حساسة بحكم العدد الكبير والمركّز من الشباب المتواجدين في منطقة جغرافية محددة ومحصورة، وهؤلاء يتصفون بالحماس والرغبة في المغامرة وإثبات الوجود، ما يستدعي درجة حزم هائلة ورادعة في تطبيق القانون وبأقل من ذلك، فالعنف الجامعي سيستمر بالانتشار ويمتد إلى خارج أسوار الجامعات. الدول الأخرى والجامعات العالمية هادئة وسالمة، ليس لأن شعوب تلك البلاد اكثر حضارة منّا، بل لأن القانون يطبق هناك بحزم ومن دون مواربة، وبدرجة تردع وتخيف الخارجين على القانون.

الغد

أضف تعليقك