تداعيات ضئيلة
تمعّن الراوي مليا في سجل الجرائم التي ارتكبها دون كيشوت ضد طواحين الهواء، وقرأ جيداً حثيثيات الدعوى التي قدمت ضد كتاب ألف ليلة وليلة، والحكم الصادر بحق نصر حامد أبو زيد قبل وفاته، وقرار منع فيروز من الغناء لسبب تافه، ثم نظر إلى نفسه متفقدا سلامة عقله، فوجد أن الأمر أفظع مما كان يعتقد من قبل، لذلك قرر أن يوقف سيل تداعيات أفكاره الخطرة.
تقسيم عمل دولي
حين وضعت العربدة نقطة في أول سطر قافلة البحر التركية، كان تجار البازار قد برهنوا أنهم أمهر المراوغين في كسب الوقت، وكان اللاعبون الأوروبيون قد تفوقوا على الجميع في اقتناص الكرات المرتدة والتمرير الناجح على الجناحين، فيما ظل خزان العنف الباكستاني يسابق نظيره العراقي، واستمر العرب العاربة، يتفصدون عرقا ويتصببون رثاثة حال ديمقراطية باذخة.
امتياز عرقي
بعد أن انجرف قلم بسمارك على الخريطة الأوروبية القديمة كسكين في قالب من الزبدة، وصادق على صحة مفهوم الإقليم القاعدة، صاح الجنرال كلاوفيتز: أيها الجنود إن الاعتدال في الحرب ضرب من الجنون، وإن القتال امتداد للدبلوماسية. ثم جاء نيتشه فوضع في فم الفوهرر مفردات الشعار الفاخر "ألمانيا فوق الجميع"، محاكيا نظيره الشائع من قبل "شعب الله المختار".
عدم انحياز سابق
عندما كانت باندونغ وكانت الأفكار الكبيرة تليق بمناكب الرجال الكبار، راح جواهر لال نهرو يبحث عن الإسمنت النوعي المقاوم لملح المحيطات، ومضى جوزيف بروز تيتو ينقب في مناجم البلقان عن المعدن النبيل الذي لا يصدأ، فيما كان جمال عبد الناصر يحاول من دون كلل، وهو يدق بقبضته على الطاولة، إيجاد الرقم الذي لا يقبل بالقسمة.
بضاعة رائجة
لأن الحروب تنشب من وضعية سلام قائم على الظلم، والسلام ذاته مجرد فقرة قد تكون طويلة بين حربين، اكتسب شعار "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة" سحره البلاغي بعضا من الوقت، ثم تولى بديله "سلام الشجعان" المرافعة المتهافتة عن الخواء وحالة انعدام الوزن.
مشارب ومذاهب
فيما كان ماك آرثر يعتقد أن طرائفه تضحك جنوده مهما تكررت ومهما كانت مملة، وفيما كان فريدريك انجلز لا يؤمن بوجود اللون الرمادي ويدعو فلاسفة عصره إلى عدم الاعتقاد بوجود هذا اللون من أساسه، كان أبو جهاد لا يحب ارتداء القمصان الواقية من الرصاص، وكان أبو جندل يقاوم في مخيم جنين حتى الطلقة الأخيرة.
مضيعة للوقت
عبثاً حاول المؤرخون استصراح "أبو الهول" عن كنه صمته وازدواجية مركبات جسده نصف الآدمي، وعبثا حاول وسطاء عملية السلام استقصاء الحقائق التي صنعوها بأيديهم، وأضاع سارقو الجياد وقتهم في تربيع دوائر الشرق الأوسط، وتزاحم المتشددون على من يدخل أولا إلى الجنة، وفاضت دموع المتباكين علينا وطفحت بها كؤوسنا الطافحة.