كلام حساس في الأردن وفلسطين

كلام حساس في الأردن وفلسطين
الرابط المختصر

سأقول كلاماً سوف يتسبب في غضب كثيرين.الكلام الذي لايلتقي مع مصلحة وهوى احد ما يصبح بوحاً محرماً.

تقرير صحيفة "العرب اليوم" المنشور البارحة ، تقرير جد خطير ، حين تتحدث وفقاً لمعلومات حول تزايد اعداد المقدسيين الذين يعيشون في الاردن ولايجددون بطاقات الاحتلال ، مما يعني في المحصلة تفريغ القدس تدريجياً.

القصة تعالج فقط من جانب تيار معين بأعتبارها محاولة من الدولة الاردنية لسحب الارقام الوطنية ، وتحويل هؤلاء من اردنيين الى فلسطينين ، عند عدم تجديد بطاقات الاحتلال ، والامر ذاته ينطبق على من يحملون بطاقات صفراء من اهل الضفة الغربية ، ويعيشون في الاردن.

في المعالجات يقال:سحب الرقم الوطني يؤدي الى الاضرار بحياة الانسان في الاردن ، على اصعدة كثيرة.

لااحد مع سحب الرقم الوطني ، لان سحب الرقم الوطني يعني خسارته لمواطنته ، بعد ان يكون قد خسر ايضاً اقامته في فلسطين ، رُغماً عنه او برغبة منه ، ومن هذه الزاوية يرى كثيرون ان الانسان يخسر مرتين.

علينا ان لانخلط الاشياء اليوم ونتحدث بشكل واضح وصريح:من يحمل كرتاً اصفراً عليه ان يحافظ على وجوده في القدس ، ووجوده في الضفة الغربية بقرار ذاتي.

تفريغ الضفة والقدس من الناس ، مؤامرة على فلسطين ، وتفريغ الضفة والقدس مؤامرة من جهة ثانية على الاردن ، فلماذا انتظر اسرائيل حتى تجدد تصريح الاحتلال او لاتجدده ، ولماذا لااكون موجوداً في القدس والضفة فوق صدر الاحتلال؟.

الكارثة ان هناك تياراً يتبنى نظرية"الاستبدالات"فهو يستبدل حقوق الناس التي يجب أخذها من اسرائيل بحقوق يجب اخذها من الاردن ، ويستبدل قضية فلسطين بقضية اسمها قضية الحقوق المنقوصة اوالفائضة في الاردن.

هذا تيار يخدم اسرائيل لانه يريحها من المواجهة وينتج اطرافاً بديلة تتم مواجهتها وتحميلها مسؤولية كل شيئ ، وتصبح هي في المحكمة ، بدلا من العدو.

علينا ان نفكر بعمق.هي ليست دعوة لسحب الارقام الوطنية ، بل دعوة لعدم تفريغ الضفة والقدس ، اذ كيف اطالب انا وغيري ليل نهار بحق العودة ، وعدم تفريغ القدس والضفة من سكانها ، لكننا في ذات الوقت نمارس العكس ، فيتم تفريغ الضفة والقدس تدريجياً.

كل الكلام الذي نقوله عن القدس جميل وعاطفي ومؤثر.غير ان رؤيتي لاي مقدسي ، ومنهم اقارب لي يحملون بطاقات صفراء ، ويحملون الجنسية الاردنية ، ويمضون حياتهم مدللين في عمان ، لكنهم يتناسون ان القدس يجب ان لايتم تفريغها ، وبعضهم لايريد حتى تجديد تصريح الاحتلال.

هذا امر مؤسف ومحزن جداً ، لان القصة لاتتعلق في وجدان الاردنيين الشرفاء والفلسطينيين الشرفاء ، بقصة هل يريدك الاردن او لايريدك؟.

مشكلة الفلسطيني ليست مع الاردن والاردنيين ، ومشكلة الاردني ليست مع الفلسطينيين او فلسطين.المشكله مع الاحتلال فقط.

القصة اعمق واخطر ، فالقدس يتم قضمها يومياً ، والضفة تؤكل من الكتف الى الكتف ، ونحن نخلق معركة جديدة تقول ان محاكمة الدولة الاردنية على ماتقدمه ومالاتقدمه هي المعركة ، وهذا استبدال خطير جداً ، فأسرائيل وحدها التي تستحق هكذا محاكمة.

من المفارقات في هكذا قصة ان تهمة "الاقليمية" يتم تبادلها حين يتم طرح هذه القضية ، وهي تهمة بائسة حتى لو اصيب بها البعض فعليا ، فهذا لاينفي ان لقصة "الكرت الاصفر" جانب وطني يتوجب التوقف عنده.

اساساً هكذا قصة يجب الكلام فيها ، من جانب الاردنيين والفلسطينين ، وان نتخلص من عقدة تقول ان هناك طرفاً يريد التخلص من طرف آخر ، فهذه عقدة وهمية.

مفارقة اخرى ان كثرة من الاردنيين من اصول فلسطينية ممن ليس لديهم اي نوع من "الكروت" يتمنون لو ان لهم كرتاً اصفراً ، فيعودون الى فلسطين ، ومع هؤلاء اصدقاء تجدهم من الطفيلة واربد والسلط والمفرق ، يتمنون لو ان لهم متراً في القدس وفي فلسطين ، يزورنه ويجلسون فيه.

حالات سحب الرقم الوطني التي قد يكون في بعضها خطأ او تجاوز للقانون تتوجب معالجتها ، وتصوير القصة كأن طرفا يريد التخلص من طرف اخر تصوير جائر.

كل اردني يحمل رقماً وطنياً ومعه بطاقة جسور صفراء ، عليه ان يعرف ان الجلوس في وجه اسرائيل في القدس والضفة ، هو تطبيق لحق العودة ، وفيه اجر وثواب ، وان عليه ان لاينتظر اصلا شطب اسرائيل لاقامته او عدم تجديدها لتصريحه.

اساساً العيش في فلسطين ليس بحاجة الى كل هذه المداخلات الرسمية ، فمن يملك كرتاً اصفراً ، لم يتم السطو على حقوقه ، ولن يتم السطو على حقوقه ، وعليه ان يعرف ان اقامته الفعلية في الضفة والقدس واجب شرعي واخلاقي ووطني.

هل يجوز ان يتم ترك القدس تدريجياً ، وتصير القصة كيف يصبح فلان عضواً في مجلس بلدي؟وهي مطالعة مفرودة بين يدي من يخافون الله حقا في الاردن وفلسطين معا؟.

سيسأل الله كثرة عن تركها لارض الرباط والجهاد بقرار منها ، فيما هناك من يعيش تحت سيف الاحتلال وقسوته وحيداً ، مؤدياً واجب الله في دمه وماله من اجل عدم تفريغ القدس والضفة.

هل من هم هناك في الضفة والقدس طينة ملعونة ، ومن هم في اي مكان آخر طينة مقدسة لاتتحمل الكلفة ايضا؟.

كل ماتريده الدولة هو تجديد تصريح الاحتلال ، من الاردني الذي يحمل بطاقة صفراء ، وهو كلام خجول جداً لانه يراعي حساسيات كثيرة.

الاصل هو مطالبتنا كل اردني يحمل بطاقة صفراء بالعودة الى القدس والضفة وفلسطين ، لانه قادر على العودة ، لا.. ان نرمي الحمل على اهل الضفة والقدس وغزة ، ليتلقوا بصدورهم كل نيران الاحتلال.

يتمّطى بعضنا في عمان متثائباً ، ناسياً ان حق العودة يتأتى جزئيا منذ هذه الايام.
الدستور

أضف تعليقك