قلب طاهر المصري
يصاب رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري ، بنوبة قلبية ، يدخل اثرها المستشفى فيجري عملية قلب مفتوح ، ومازال في الانعاش ، وتحت الرعاية الطبية.
حين تقرأ تعليقات الناس على عملية طاهر المصري ، تعرف بشكل واضح ان الموقف من السياسيين في الاردن ، لايخضع لقواعد اقليمية ، كما يظن كثيرون ، اذ ان برنامج الانسان وخطه السياسي هو الذي يقرر الموقف منه ، في حالات كثيرة ، حتى لايبقى الاردن متهما من الصغار.
لم يبق احدّ ، الا وتمنى للمصري السلامة.لان الرجل يحظى باحترام عام ، ولان رصيده ايضا كبير وغير مشكوك فيه ، وهو اسّس حضوره السياسي على اساس جامع.ولم يتبنَّ برامج صغيرة او ضيقة.جهوية او اقليمية او خلافية او مثيرة للريبة.
لم يتبنَّ ايضا اجندات مثيرة للداخل الاردني ، وبقي يقول كلاما علنياً وسرياً متطابقاً ، حول كل القضايا.
الاردن لايرفض "السياسي" على اساس الهوية والعرق والاصل والدين.هناك ادلة كثيرة.ابرزها انموذج طاهر المصري.الذي له في البوادي والقرى والمدن والمخيمات رصيد كبير.
حتى الذين يختلفون معه يختلفون معه باحترام ولايطعنون في تاريخه او في شخصه.يختلفون معه على "القطعة" او"الموقف" ، ولايهدمون تاريخ الرجل ، او يشككون فيه.
السياسي في الاردن يجب ان يكون جامعاً وكبيراً.ان يمثل كل الناس.هموم الشعب.ان يتأثر بالبوصلة العامة ، والتأثر بالبوصلة العامة لايعني ضعفا ولامسكنة ، ولاخوفا من التراشقات.
الناس في الاغلب لاتجمع على ضلالة ، والتأثر بالناس ورؤيتهم امر حميد ، والوطنية هي ان تخاف على البلد والناس.
مناسبة الكلام ان احدهم وهو يتسم للاسف بالخلط بين السذاجة والتذاكي هلل وكبر لرؤية تعليقات تشيد بالمصري من جانب ابناء عشائر وبوادْ وقرى وغير ذلك ، وكأنه اكتشف فتحاً مبيناً.
قلت له:لاجديد في الامر.الامر متوقع.الناس ليسوا عدائيين ولاتطهيريين.هم اطيب واطهرمن ذلك بكثير ، لانهم يقررون الموقف من السياسي على اساس خطه وبرنامجه ، وليس اصله او عرقه ، وليس ادل على ذلك من ان تاريخ الدولة على مدى ثمانين عاما كان تاريخا لايحمل هذه البذرة.لا على مستوى الناس.ولا حتى على مستوى النخب.
لقد رأينا التنوع التاريخي يطل برأسه في المواقع بما يعكس مجتمعاً محترماً واصيلا غير مصاب بالامراض والعقد.
الاردن يحب من يحبه.والاردن فيه متسع لمن هو منتم له.والاردن ايضا كبير لكل من لايمارس العقوق ضده وضد اهله وتاريخه ، ومن يحب الاردن يحبه سراً وعلناً ، امام الناس وفي بيته ايضا.
الاردن ايضا يريد واجباتك مثلما تريد حقوقك ، ويريد ايضا ان تعامله باعتباره والدك فلا تعقه ولاتمسه ولاتغمز من قناته.
هذه هي قصة طاهر المصري ، ومن الطبيعي ان تجد ابناء "جبل النار" يتمنون له السلامة ، مثلما ترى ابناء البادية الجنوبية ، والبلقاء ، واربد وعمان والطفيلة يتمنون له السلامة.
هذا زمن قلّ فيه عدد الرجال الذين يعرفون معنى ان تكون منتميا للاردن بحق ، وندرة من السياسيين اليوم باتت محل اجماع.
القصة ليست قصة قلوب مليانة ، ولا حتى رمانة ، وانما قصة من هو مع البلد واهله ومن هو ليس مع البلد واهله.للناس هنا غريزة فطرية حادة تجعلهم يميزون بسرعة بين الكاذب والصادق.
الاردنيون عرب اقحاح ، لاينقلبون على عروبتهم ودينهم.كل القصة تتعلق بموقع السياسي من الاعراب من قضايا البلد واهله وهمومهم.
اذا جلست في حضن البلد حقا ، كانت لك كل السعة ، وان جلست في حضنه وشددت ذقنه فعليك ان تتوقع كل شيء.
قلب طاهر المصري قلب اردني يخفق بامتياز ومن الطبيعي ان يقلق عليه كل اهلنا من "الدرة" الى "الطرة" ، وما بينهما من مدن وقرى وبوادْ ومخيمات...أليس كذلك؟.