قضية شاهين: ثمن باهظ.. اين العقاب؟

قضية شاهين: ثمن باهظ.. اين العقاب؟
الرابط المختصر

الآن وبعد ان استعادت الدولة جانبا من هيبتها عقب إعادة رجل الاعمال المحكوم خالد شاهين الى السجن، يجب تعلم الكثير من هذا الدرس القاسي وبما يؤسس لنهج في الادارة يكبل ايدي المتواطئين والفاسدين والخارجين عن القانون سواء كانوا متهمين خلف القضبان أو مسؤولين في الدولة.

منذ شهور وجدل الاصلاح مسكون بقصة شاهين، وهي القصة الغريبة والمريبة كيفما قرأتها، فكيف يغادر البلاد محكوم؟ ومن الذي قام بتهريبه وكسر هيبة القانون والعدالة؟ ولماذا ؟ وما دلالات ذلك على حال الشارع الذي يصرخ - ومثله شوارع عربية عديدة - للمطالبة بملاحقة الفساد والفاسدين من اجل وقف الهدر الذي يضر بالانسان الاردني وباقتصاده ومقدراته؟.

حظ الاردنيين ليس وافرا بوجود طبقة من بعض رجال الاعمال التي تخون البلاد كلما لاحت لها فرصة، ويزيد نكد الحظ عندما تتواطأ الدولة احيانا مع هذه الطبقة.

 ولعل في زواج المال والسلطة ما يكفي من تراكمات سلبية ليست خافية على معظم الاردنيين وهو الزواج الذي يكتب له الديمومة، كلما زاد فقر الشعب واشتدت معاناته، وهو الصورة الاكثر بشاعة في مشهد الفساد وتتطلب جهدا قانونيا ورقابيا واخلاقيا خالصا لإحداث الطلاق الابدي حتى تعود الامور إلى نصابها.

على أهمية إعادة شاهين الى السجن لإكمال مدة محكوميته في قضية المصفاة واستئناف محاكمته وجاهيا في قضية شركة موارد، فإن من قام بتهريبه لم يحاكم ولم يحاسب! وهي نقطة مرجعية ذات قيمة عالية في حديث الاصلاح والرقابة وملاحقة الفساد سواء أكان رسميا او من لدن القطاع الخاص غير أنها لم تتحقق، ومن يعتقد ان استقالة وزيري العدل والصحة في 26 ايار (مايو) الماضي مقنعة للرأي العام باعتبار انهما يتحملان المسؤولية السياسية والاخلاقية عن تهريب شاهين فإنه مخطئ.

  وفي دول اخرى تتشكل من اجل هذه الفضيحة لجان تحقيق ومحاكم وتنعقد جلسات للبرلمان ويساق الى العدالة المتورطون فيها، غير ان ما جرى – وان كانت خواتيمه مقبولة – الا انه لم يقترب من الانماط الآنفة في الملاحقة والمحاسبة والرقابة.

ولك عزيزي القارئ ان تتخيل حجم التشابك في تلك الفضيحة التي اثرت في سمعة البلاد لعدة شهور في موازاة حديث صاخب عن الربيع العربي وقطع الطريق على الاستبداد والفساد، ولك ان تتخيل ايضا عدد الشخصيات السياسية والأمنية التي مر امام نواظرهم هذا الملف الثقيل وعدد الاطباء الذين مارسوا التضليل لإعداد تقارير طبية تمكن المحكوم من السفر، بل وعدد الصحفيين الذين امتشقوا اقلاما تدافع عن هذا المحكوم، فيما يذهب الخيال الى مديات اكثر بعدا عندما نتحدث عن الجهد الامني والسياسي والدبلوماسي الذي مورس على امتداد شهر كامل بغية الغاء التأشيرات الممنوحة لشاهين في بريطانيا والمانيا والولايات المتحدة واخيرا كندا وتضييق الخناق عليه في اوروبا وحجم التقارير القانونية التي اعدت ورافقت هذا المشوار الطويل، الامر الذي انطوى على فساد في بدايات تهريب المحكوم وانتهى الى مشقة ومعاناة في سبيل اعادته ومنعه من السفر الى دول اخرى انطلاقا من المانيا محطته الاخيرة.

استقالة وزير او وزيرين لا تكفي حيال ما جرى، والرأي العام معني بفهم حقيقة ما جرى ومن يتحمل مسؤوليته، والملف سيطوى – ان عاجلا او آجلا– ومن الضروري ان يكون طيه بعد ان تقول العدالة كلمتها في وجه كل من كان سببا في تلك الفضيحة.

ويبقى سؤال في الخاطر.. ماذا عن باقي الشواهين؟

الغد