قانون انتخاب غير متوازن

قانون انتخاب غير متوازن

مشروع قانون الانتخاب الذي تسرَّبتْ أنباءٌ عن بعض ملامحه, خلال الأسبوع الماضي, يبرِّرُ كلَّ المخاوف, التي أُثيرتْ, بشأنه, قبل مُدَّة, ويؤكِّد كلَّ الشكوك التي كانت تقول إنَّ الحكومة سترمي بكلّ ثقلها لإخراج قانون غير متوازن ويخدم أغراضاً سياسيَّة مقلقة.

فمشروع القانون, هذا, يجمع, في نطاق واحد, سلبيَّات قانون الصوت المجزوء, وسلبيَّات قانون الأغلبيَّة النسبيَّة الذي كان مطبَّقاً حتَّى العام ,1993 وسلبيَّات قانون القائمة النسبيَّة على مستوى المملكة الذي تطالب به بعض القوى السياسيَّة.

فهو يشترك مع قانون الصوت المجزوء في انتقاص حقّ الناخبين في الدوائر المختلفة في انتخاب جميع ممثِّلي دوائرهم; مع فارق أنَّه يعطي الناخب, بدلاً من صوتٍ مجزوءٍ واحد, صوتين مجزوءين, حيث ستكون الدوائر جميعاً ممثَّلة بثلاث مقاعد لكلِّ منها, بيد أنَّ المقعد الثالث في الدائرة لا تقرِّر الفوز به أصوات ناخبيها, بل أصوات الناخبين على مستوى البلاد ككلّ! فلماذا, إذاً, أُعتُبِر مقعداً للدائرة?

ويشترك مع قانون الأغلبيَّة النسبيَّة, الذي كانت انتخابات العام 1989 آخر انتخابات أُجريتْ على أساسه, في أنَّه ينحاز إلى الكتلة المنظَّمة ذات الثقل النسبيّ; إلى حدِّ أنَّه يمكن أنْ يفوِّزها, أحياناً, بأصوات قد لا تتعدَّى عشرين أو ثلاثين بالمئة من مجموع الناخبين, إذا كان منافسوها مشتَّتين. وبالتالي, فإنَّ أصوات سبعين (أو ثمانين) بالمئة من الناخبين تذهب هدراً ويصبح أصحابها بلا تمثيل. وهذا الخلل الخطير ليس ناجماً عن كون الأغلبيَّة التي يجري استخدامها كمعيار للفوز, هنا, هي الأغلبيَّة النسبيَّة التي تؤدِّي غالباً إلى فوز الأقليَّة; بل, أيضاً, حتَّى لو اُعتُمِدَتْ الأغلبيَّة المطلقة (50% زائد واحد), في القانون, فإنَّ ذلك لن يكون عادلاً; لأنَّه, يحرم الأقليَّة من حقِّها الطبيعيّ في التمثيل, ويجيِّر أصواتها بالكامل للأكثريَّة.

كما أنَّه يشترك مع قانون القائمة النسبيَّة على مستوى المملكة, كونه يحرم المجتمعات المحليَّة من اختيار ممثِّليها; أعني, فيما يتعلَّق بمشروع القانون المطروح, شاغلي المقعد الثالث للدوائر المختلفة, الذين تحسم انتخابهم الهيئة الناخبة الوطنيَّة.. ومع ذلك تتمّ تسميتهم ممثِّلين للدوائر المحليَّة.

أمَّا صيغة القائمة النسبيَّة, المضمَّنة بنسبة محدودة في مشروع القانون, فإنَّ مِنْ عيوبها الأخرى أنَّها تخدم الكتلة الأكثر تنظيماً وتماسكاً والتي تتوفَّر على قدرة ماليَّة ولوجستيَّة كافية. فتنظيم حملة انتخابيَّة على مستوى المملكة, يحتاج إلى تكاليف ماليَّة كبيرة لتأمين الدعاية والاتِّصال بالناخبين في مختلف أماكن تواجدهم وانتداب مراقبين على صناديق الانتخاب وفي قاعات الفرز.

وبالإضافة إلى ذلك, كلّه, فمِنْ شأن مشروع القانون المقترح أنْ يخلق تمايزاً, غير سليم, بين النوّاب المنتخبين مِنْ الهيئات الناخبة المحليَّة والنوَّاب المنتخبين من الهيئة الناخبة الوطنيَّة.

لذلك, فإنَّ القانون الأنسب لظروف بلادنا.. القانون الذي تكون عيوبه هي الأقلّ مقارنة بعيوب غيره, هو قانون القائمة النسبيَّة المفتوحة على مستوى المحافظة; فهو يحفظ حقّ الناخبين في الدوائر المختلفة في اختيار ممثِّليهم, ويتيح لهم خيار المفاضلة بين أعضاء الكتل التي يؤيِّدونها, ويمنح الكتل المتنافسة حصصاً تعادل نسبة وجودها الحقيقيَّة في كلّ دائرة وعلى مستوى البلاد ككلّ; كما أنَّ تكاليف الانتخابات الماليَّة, واحتياجاتها اللوجستيَّة, ستكون في هذه الحالة أقلَّ; وأخيراً فإنَّ هذا القانون يحول دون تغوّل العاصمة والمدن الكبرى على باقي المدن والمحافظات.

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span

أضف تعليقك