فيلم السفارات الأمريكية
تتحكم المشاعر الصادقة بمعظم المحتجين أمام السفارات الأمريكية، على امتداد العالم الإسلامي، والمتلاعبون والمتكسبون يقفون في الجانب الآخر من المشهد.
إشارتان لا تغيبان عن "جمعة الغضب"؛ الأولى أوردها تقرير نشرته صحيفة "الوطن" المصرية، بأن لا وجود للفيلم المسيء إلى النبي محمد باستثناء المقطع "التريلر" المعروض على "اليوتيوب"، وأن مخرجه سام باسيلي هو شخصية مفبركة لا يعرف هويتها أحد.
التقرير يوّضح أن أغلب التفاصيل، التي أثيرت حول العمل لا تمت للواقع بصلة، إذ استقدم ممثلون هواة للمشاركة في فيلم "محاربو الصحراء"، وبطله "مستر جورج"، الذي جرى استبداله باسم محمد في عملية دبلجة تمت لاحقاً.
وتَخلص الوقائع إلى أن مجموعة من المسيحيين الانجيليين المتطرفين، عرباً وأمريكيين، يسعون إلى استفزاز المسلمين، وربما توظيف ردود فعلهم تحقيقاً لأهداف بعيدة.
الإشارة الثانية ترتبط بتحريض أجهزة أمن عربية مواطني بلادها للخروج في تظاهرات ضد الرسوم المسيئة للرسول، نشرها رسام دانمركي منذ سنوات، رغم أن هذه الأجهزة تُمثل أنظمة تمنع التظاهر بالمطلق، أو تقمعه فيما لو رفع المتظاهرون شعارات مختلفة.
على مقربة من لعبة "التطرف" و"الأمن"، لا يمكننا إغفال المتلاعبين بجموع الغاضبين، فنلحظ خطابين متمايزين لقوى الإسلام السياسي، وفي مقدمتها: السلفيين و"الإخوان المسلمين".
السلفيون يديرون ظهورهم للعدو الصهيوني، كعادتهم، ويواصلون اختراع معارك "دونكيشوتية" تحكمها ارتباطاتهم السياسية والأمنية، ويراكمون هزائمنا كما رأينا في أفغانستان والشيشان وحروب "القاعدة".
بدورهم، يندد "الإخوان" ببيانات ولغة دبلوماسية بأحقاد صانعي الفيلم، ويبعثون رسائل مباشرة تؤكد دوام التحالف مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، سواء بحماية سفاراتهم، أو بـ"حرمان" قتلة السفراء من الجنة، وفق بيان لكبار مشايخهم أمس، في الوقت الذي يقدمون "صكوك الغفران" لأنصارهم في سبيل تحقيق مشروعاتهم السياسية.
مرة أخرى؛ تصدح الحناجر ويصرخ الناس انتصاراً لدينهم، بينما يختفي وراء الصورة لاعبون يتقنون المتاجرة بـ"إيمان" شعوبنا، طالما "إسرائيل" آمنة، والغرب مهيمن على ثرواتنا وقرارنا ومستقبلنا!
العرب اليوم