فضيحة لا تليق بالبلد
هكذا اذاً يتم تبادل القصف المدفعي بين هيئة مكافحة الفساد،ومؤسسة الايتام،على خلفية قصة المبنى الذي تم شراؤه،وتحار وكالة الانباء الاردنية "بترا" بين الطرفين الرسميين،فتنشر لهذا وذاك،ولا تنجو من غضب هذا وذاك.
هذه اخطر ظاهرة تطل برأسها علينا،اي تبادل قصف الاخبار والبيانات بين مؤسسات حكومية ورسمية،تكذب بعضها البعض،وترد على بعضها البعض عبر وكالة انباء رسمية،وكأن هناك انشقاقاً بين المؤسسات،وحروبا صغيرة وكبيرة.
هيئة مكافحة الفساد اعلنت رسمياً عن احالة ملف مؤسسة الايتام،وقصة المبنى الذي تم شراؤه بمبلغ مرتفع بعد تحقيقات موسعة،وشراء قطع اراض في عمان ومحافظات بأكثر من سعرها،الى المدعي العام.
وكأننا في دولتين وليس دولة واحدة،ترد مؤسسة الايتام في اليوم التالي،بلذع وكالة الانباء الاردنية "بترا"لانها نشرت الخبر،ولانها على حد قول المؤسسة لم تدقق،وتطالبها بمهنية فائضة،هذا على الرغم من مهنية الزملاء،وحقيقة ان دور "بترا" لايتجاوز نشر الخبر الرسمي،لا التحكيم بين المؤسسات على دوار الداخلية.
مؤسسة الايتام كذّبت مؤسسة حكومية اخرى،وقالت ان الملف لم يرسل الى المدعي العام،وان كل تحقيقات الهيئة غير دقيقة،وتمت الاشارة الى مساحة المبنى،وقيمته،وان الهيئة نشرت رقماً غير دقيق حول مساحة المبنى.
عادت بعد ذلك هيئة مكافحة الفساد وردت على مؤسسة الايتام بالقول ان الملف احيل الى المدعى العام،وان التحقيقات سوف تبدأ،وان كل اسم وارد سيتم استدعاؤه للتحقيق في شراء مبنى بأكثر من اربعة ملايين دينار،وضعف قيمته الحقيقية،من اموال الايتام.
وفي المعلومات ان ملفات اخرى سيتم فتحها تخص قطاعات اخرى قريبة،من صلاحيات مسؤولين حاليين،على صلة بملف الايتام،وهكذا يتضح اننا ندخل حرباً بين مؤسسات الحكومة على خلفية قصة فساد يتداعى الجميع لتأكيدها ونفيها في ذات الوقت.
هذا وضع خطير جدا.مؤسسات الدولة تتهم بعضها البعض،وتكذب بعضها البعض،امام الناس والاعلام،في مشهد مؤسف جداً،ولابد لهذه الصورة ان تتكشف كل تفاصيلها،لان القصف المدفعي لن يسلم منه احد،ولاننا نريد معرفة الحقيقية.
هل تم شراء المبنى بأموال الايتام،بضعف قيمته الحقيقية،كما يقال،وهل تم شراء اراض بقيمة تتجاوز قيمتها بأموال الايتام في المحافظات،وهل احيل الملف للمدعي العام؟!.
ثم على ماذا تركن مؤسسة الايتام لتكذيب احالة ملف الصفقات الى المدعي العام،لاننا امام قصة تتعلق بالقضاء،ولايمكن ان تصل الحالة الى هذا المشهد المؤسف من الاساءة الى القضاء،وادخاله في غمرة البيانات المكذبة والمصدقة.
قد يستشف البعض من كل هذا الكلام ان هناك من بات يتضايق من دور هيئة مكافحة الفساد ويراد لها ان تظهر بصورة المتسرعة وغير المدققة،والتي تلقي التهم جزافاً على مؤسسات اخرى،وهذا توظيف خطير لهذه الازمة،وكلام غير منطقي ايضاً.
اذا تم طوي الملف سيخرج من يقول انه تمت لفلفة الموضوع،واذا احيل الملف الى المدعي العام وبدأت التحقيقات سيتضح ان الهيئة صادقة،واذا تبين ان هناك براءة بعد وقت سنكون قد خسرنا سمعتنا وسمعة مؤسساتنا.
اخر ما ننتظره هو بدء الحروب بين المؤسسات الرسمية،وتبادل القصف المدفعي،علنا،وعبر وسائل الاعلام،فيما لم يعد احد يعرف الحقيقة،بعد ان وقعت وكالة الانباء الاردنية بين الاخبار الرسمية،صادقها وكاذبها،كزوج لضرتين.
بكل المعاني ماجرى فضيحة لاتليق بهذا البلد،ودليل على اننا وسط "حارة كل من ايده اله".!!.
الدستور