عندما تشفق على الرئيس النسور

عندما تشفق على الرئيس النسور
الرابط المختصر

لن يعدم أحد العثور على ألف سبب وسياسة وقرار لحكومة د. عبدالله النسور، لمعارضتها، أو لاعتبار أنها أخفقت في القيام بمهامها، أو أخطأت في سياساتها وتقديراتها، سياسيا واقتصاديا ومعيشيا. لكنك تجد نفسك مدفوعا للتعاطف مع الرجل وحكومته، عندما تلمس مستوى بعض الخطابات التي تُكال بحق الرجل في الفترة الأخيرة، من قبل مسؤولين ووزراء سابقين؛ يصدمونك لا بغرابة مواقفهم أو معارضتهم، بل بمستوى الاستهتار الذي يمارسونه في أحاديثهم ومواقفهم!

سبق لحكومة النسور أن حُشدت ضدها معارضة شعبية وسياسية واسعة، منذ أن بدأت بسياسات إلغاء الدعم عن المحروقات والكهرباء، واستسهال رفع الأسعار وزيادة الضرائب لمعالجة اختلالات الموازنة العامة للدولة، من دون مراعاة حقيقية ومسؤولة للأبعاد الاجتماعية والسياسية والمعيشية للناس. كما سبق لهذه الحكومة أن عورضت في إدارتها للانتخابات النيابية والبلدية الماضيتين، من قبل أطياف سياسية وشعبية؛ وأيضا في إدارتها لملف إحالة نشطاء الحراك إلى محكمة أمن الدولة، وغير ذلك من قضايا سياسية واقتصادية جوهرية.

لكن من يعشْ رجبا يرَ عجبا! فعندما اقترب النسور وحكومته من بعض الملفات الإصلاحية، وأعلن الرجل عن نية حكومته تقديم مقاربات وحلول لها، استجابة لمطالب المعارضة وتيارات واسعة من المجتمع المدني والسياسي، وتحديدا في قضيتي قانون الانتخاب والحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، تلبدت السماء سريعا بمعارضة "غير شكل"، أبطالها وزراء ومسؤولون سابقون، يعتقدون أو يتوهمون أنهم يقدمون ببعض مقالات وتصريحات وتعليقات "فيسبوكية"، نوعا من الخطاب السياسي أو المعارض!

وقبل أن تحزن على النسور وحكومته من مستوى الخطابات التي يعتقد أصحابها أنها مواقف سياسية معارضة، تحزن على مجتمع وبلد هذا هو مستوى خطاب مسؤولين ووزراء سابقين فيهما، وقد أداروا في يوم من الأيام شؤونه ومصالحه! حيث الانزلاق لخطاب كراهية وإثارة نعرات، وتسطيح لحقوق دستورية وثوابت وطنية وإنسانية، ومحاولات فاشلة ومتهافتة لإحياء أدب واستعارات "كليلة ودمنة"، واستهتار بذائقتنا اللغوية والإنسانية.

تَوجُّه الحكومة لمنح أبناء الأردنيات حقوقا مدنية، والتوجه لتعديل قانون الانتخاب وتجاوز عقدة الصوت الواحد، تجدان معارضة وتحفظات سياسية من تيارات وقوى سياسية محترمة، تختلف أو تتفق معها، بل وتشتبك معها بمحاججة ونقاشات، من دون أن يفسد ذلك للود قضية. لكنك تُصدم من خطابات وتعليقات لشخصيات سياسية وإعلامية يفترض بها أن تكون وازنة، وعملت يوما في مطابخ القرار أو إدارات وزارات، وتلجأ اليوم لخطابات تلبسها، زورا وبهتانا، لبوس المعارضة أو وجهات النظر.

تجهد وأنت تبحث عن فكرة أو رأي سياسي، حتى لو ناقض قناعاتك وآراءك، في متابعتك لبعض الخطابات والمقالات والتعليقات الأخيرة، فلا تجد، عند البعض، سوى الهذر و"الشوفينية" التي يغلفونها بلبوس معارضة هذه السياسة للحكومة أو تلك!

مشكلة هذه "الخطابات" وأصحابها، تحديدا من مسؤولين ووزراء سابقين، هي أنها تحرمنا، نحن الأسوياء، معارضة وموالاة ووسطا، من الحق في الاختلاف وتعدد الآراء، وتضرب لدينا الذائقة اللغوية والإنسانية. فقط إرحمونا

الغد

أضف تعليقك