عمان تعترض سـراً على السفارات!
لم تسكت الحكومة على تحركات دبلوماسيين أجانب في الأردن، ولم يتم الاعلان عن ردود الفعل، حتى لاتبدو القصة بمثابة مواجهة دبلوماسية بين عمان، وتلك الدول.
دبلوماسي كندي وفي أكثر من مكان،كان يتحدث عن ان الاصلاح قادم، معدداً تفاصيل يقول انه سيتم تنفيذها قريباً،ويصف من رآه بأنه كان انفعالياً، لم يترك اي تفصيلات في الشأن الداخلي الا وتحدث بها،باعتباره المسؤول الاول عن الأردن.
وصلت المعلومات إلى الجهات الرسمية،واستدعى وزير الخارجية السفير الكندي في عمان، قائلا له بنعومة بالغة،ان هذا لايجوز،وان الأردن يرفض تدخل دبلوماسيين في شؤونه،وانه لايقبل بأي تحركات ايضاً،في المحافظات والعاصمة.
لم يتم الاعلان عن الاعتراض الاردني على الكنديين،لان الاردن لايريد ان يدخل في مواجهات دبلوماسية،او يبرز بصورة الذي يتحسس فوق العادة، أو لا يحتمل مثل هذه التحركات،باعتبارها تؤشر على خرق دبلوماسي وأمني.
في قصة اخرى، تتعلق بالسفير البريطاني في عمان، الذي زار مادبا، واثيرت زيارته على مستويات متعددة،تبين ان زيارته لم تكن سياسية،وانه تلقى دعوة لتناول «المنسف» بدعوة من أحد حرس السفارة الأردنيين،وفقاً لمصدر رسمي.
تصادف وجود السفير البريطاني في مادبا في ذات يوم حدث به حراك سياسي في ذات المنطقة،وتم الربط بين الزيارة وهذا الحراك،ومن الطبيعي في هكذا زيارة ان يتحدث السفير ويستمع الى مايقال تجاه الشأن الاردني.
موقف الحكومة من السفير البريطاني في عمان ايجابي للغاية،ويعتبرون السفير شخصاً محترماً ودمثاً لايمكن ان يثير اي زوابع في الداخل الاردني.
تبقى تحركات السفارة الامريكية في عمان، والواضح ان لا أحد قادر على منعها او الاعتراض عليها،لان طواقم سياسية من السفارة تلتقي بنشطاء ومعارضين في بيوتهم ومكاتبهم، وهذا شأن مستمر منذ سنوات.
تقوم السفارة الامريكية بجمع معلومات حول طبيعة الحراكات والموقف من الحكومة الحالية،واي حكومة موجودة،وتحلل دوافع اي موقف على أساس سياسي وحزبي واقتصادي وتصل الى مرحلة طرح أسئلة تتعلق بالجانب الجهوي والاقليمي.
مع ذلك تدعو السفارة الامريكية في عمان أردنيين من قطاعات مختلفة لزيارة السفارة للالتقاء بمسؤولين امريكيين،او بموظفين كبار في القسم السياسي في السفارة،وتعرف السلطات عن كل هذه النشاطات،لكنها لاتقف في وجهها.
مابين تلك السفارات التي يمكن معاتبتها،والسفارات التي لايمكن معاتبتها،تتبدى تفاصيل حساسة بشأن الداخل الاردني،اذ نمر بوقت حساس للغاية،وكثرة من السفارات تخلت عن تحفظها وحذرها،في هذا الوقت بالذات.
دور السفارات في كل العالم،هو جمع المعلومات،والكتابة الى عواصمهم،عما يجري في تلك الدول،وتزويد اصحاب القرار بمعلومات وتحليلات،عما يحدث،وهذا الدور ليس غريباً،وهو معروف،وتمارسه كل سفارات العالم بلا استثناء.
اللافت للنظر لدينا،أمر آخر،يتعلق بمعرفة كثيرين،ان هذا هو دور السفارات،فيتم التخلي عن الحذر المعتاد،واستقبال دبلوماسيين،وزيارة سفارات لتقديم معلومات تطوعاً او بناء على طلب مسبق.
هذا يعني ان لدينا طبقة جديدة تعلن بصراحة ان الضغط على الداخل مفتاحه الاتصال بالخارج،وان المحرمات الشهيرة،لم تعد موجودة في اذهان كثيرين.
الأولى بعد اليوم،ألاّ يبقى التحسس الأردني من دور السفارات خجولا وسرياً،وفي حالات اخرى منعدماً وغائباً،وان يطلب الاردن باعتباره دولة ذات سيادة من كل السفارات عدم التدخل بالشأن الاردني،إذا استطاعوا الى ذلك سبيلا.
المشكلة ليست في السفارات لان هذا هو دورها، المشكلة هي في وجود اناس من بيننا يتطوعون لتقديم المعلومات!!
الدستور