يصاب المواطن الأردني بالإحباط كلما قرأ عن تراجع مركز الأردن عدة درجات على السلم الدولي لموضوع ما كالديمقراطية وحرية الصحافة ومناخ الاستثمار وانتشار التكنولوجيا إلى آخره. لكن واحداً من هذ السلالم يدعو للرضى وهو جدول أغلى المدن الذي دل على تراجع الأردن 14 مركزاً لأن تكاليف المعيشة ارتفعت في مدن أخرى أكثر من ارتفاعها في عمان.
مع ذلك تبقى عمان بين مجموعة المدن ذات تكاليف المعيشة العالية نسبياً ، الامر الذي يفسر الشكوى الدائمة من غلاء الأسعار.
لا بد والحالة هذه من إلقاء الضوء على بعض جوانب الموضوع ففي المقام الأول لا ُيحسب الجدول على أساس كلفة معيشة المواطن الأردني ، بل على كلفة معيشة رجل الأعمال الأجنبي المغترب الذي يقيم مؤقتاً في عمان.
هذا المغترب يعيش في فندق خمس نجوم أو يستأجر شقة في أرقى أحياء العاصمة ، ويستأجر سيارة سياحية ويأكل في المطاعم ، فمن الطبيعي أن تكون كلفة معيشته عالية ، ولكنها لا تعبر عن مستوى تكاليف المعيشة بالنسبة لابن عمان.
من ناحية أخرى فإن جدول متابعة تطور متوسط الرواتب في الأردن خلال السنوات السبع الأخيرة ، دل على أنه كان يرتفع بمعدل 8% سنوياً بالأسعار الجارية ، أي أعلى من معدل التضخم الذي كان سائداً ، وهو 5ر5% مما يدل على أن مستوى الأجور والرواتب في الأردن تحسنت في المتوسط بمعدل 5ر2% سنوياً بالأسعار الثابتة.
إذا ثبت إحصائياً أن مستوى الرواتب يرتفع بأسرع من ارتفاع تكاليف المعيشة ، فإن ذلك يعني أن الموظف أو العامل ليس ضحية من ضحايا ارتفاع الأسعار.
طبعاً هناك تفاوت في الأجور والرواتب والزيادات السنوية والمزايا الجانبية الأخرى ، وهناك فئات تحسنت أجورهم بأكثر من النسبة المشار إليها أعلاه ، في حين أن فئات أخرى لم تتحسن أجورهم وربما انخفضت محسوبة بالأسعار الثابتة.
الذين تحسنت أجورهم وارتفع مستوى معيشتهم يعتبرون ذلك حقاً مستحقاً لهم ويلوذون بالصمت. والذين ساءت أجورهم وانخفض مستوى معيشتهم يجأرون بالشكوى ، فمن الطبيعي والحالة هذه أن لا نسمع أو نقرأ إلا من الفئة الثانية ، وأن يقال أن النمو الاقتصادي لم ينعكس على حياة المواطنين ، والصحيح أنه لم ينعكس على حياة بعض المواطنين.
الرأي