على العرب أخذ قرار بالمقاطعة

على العرب أخذ قرار بالمقاطعة
الرابط المختصر

لا نتخيل أن يبقى العرب على الإيقاع نفسه في التعامل مع إسرائيل. فبعد أيام يمكن أن تتحول جريمة أسطول الحرية إلى حدث في الماضي، يضاف إلى سوابق على هامش الدعوات الكئيبة واليائسة للوصول إلى السلام في الشرق الأوسط.

ليس مطلوبا سحب مبادرات السلام العربية، ولا التخلي عن خطاب الالتزام بسلام شامل، هذا الخطاب ينبغي مواصلته فلسطينيا وعربيا وتأكيد الالتزام العميق بحلّ الدولتين، لكن في إسرائيل حكومة مجرمة تنبغي مقاطعتها، والتصرف معها بحزم وكرامة؛ لا لقاءات ولا أي علاقات لا ثنائية، ولا في الأطر الدولية المشتركة، مع ممثلين عن دولة الاحتلال إلى أن تتم المحاسبة على المجزرة وإنهاء حصار غزّة والممارسات الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، وإقدام المجتمع الدولي على وضع أسس للحلّ تلتزم بها اسرائيل.

يجب أن يظهر موقف عربي حازم جدا أمام العالم. فالعرب ملتزمون بالسلام وبالعدالة وحلّ الدولتين، وشرق أوسط بلا حروب ونزاعات، والتزاما بهذه المبادئ بالذات يقاطعون حكومة الحرب والإجرام في إسرائيل ولا يقبلون التهاون معها من قبل آخرين.

هناك حيرة في مبررات إسرائيل لارتكاب هكذا جريمة، والخطاب الإسرائيلي تافه، ولا أحد يصدّقه، ولم يكن هناك حاجة لإنزال عسكري على قوارب محملّة بمساعدات إنسانية وأفراد عزل. وقتل مدنيين أجانب بهذه الطريقة لا يمكن ان يحقق رسالة ردع ومنع. وإسرائيل تضررت فقط من هذا الجريمة الخسيسة، وقد وضع هذا العمل دولة مثل تركيا نهائيا في الجانب الآخر، وهي الدولة التي كان العدد الأكبر من الشهداء من مواطنيها.

فقد كان ممكنا ببساطة منع السفن من التقدم أو جرّها عنوة إلى ميناء إسرائيلي. لا تفسير للجريمة سوى أنها خليط من الغطرسة العسكريتارية والغباء، وهي تعكس كم أن قادة إسرائيل فقدوا كل صلة بالواقع.

هناك على العموم سياسة مستحيلة تتمثل باستمرار التنكر للحق الطبيعي لشعب في العيش حُرّا مستقلا، وإيغالا في هذه السياسة، التي لا أفق ولا مستقبل لها، يتمّ الإيغال في ممارسات لا منطقية بإدامة حرمان وتعذيب شعب آخر، والاستخدام المتطرف للعنف والإجرام بذرائع "دفاعية" واهية. وجميع الدول تبطن الضيق بهذا "الصديق" أكثر مما تظهر، أو على الأقلّ فإن العديد منها يغالب ضيقه لأسباب انتهازية ما دام الطرف الآخر، أي الطرف العربي، لا يظهر الحزم الضروري في مواجهة هذا الاستخذاء.

حان الوقت لسياسة عربية أكثر حزما وتماسكا. والمقاطعة الكاملة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، المشروطة بتحول حقيقي في اسرائيل، هي الطريق الصحيح الآن ليأخذ العالم بجديّة أكثر، محاسبة إسرائيل ومعاقبتها والضغط عليها.