عقدة «السين» في برامج حكوماتنا

عقدة «السين» في برامج حكوماتنا
الرابط المختصر

اكثر حرف تستخدمه حكوماتنا المتعاقبة هو حرف السين ، وما من برنامج حكومي الا ويتكرر فيه حرف السين الف مرة.

من هذا القبيل ما نقرأه من ان الحكومة الحالية ستقوم بتعديل قانون الانتخابات ، وان الحكومة ستقوم بتعديل قانون الاحزاب ، وان الحكومة ستتقدم بقانون لحماية المبلغين عن الفساد ، وستحيل قضايا الى مكافحة الفساد ، ونقرأ السين في كل فقرة وموقع وزاوية.

الحكومة الحالية تدعو للتفاؤل المشروط ، رغم الحديث عن حرف السين المتوارث في خطابها من الحكومات السابقة ، غير ان علينا ان نلاحظ ان كل قوانين الاصلاح السياسي ، مؤجلة بطريقة ذكية ، ولا شيء على النار ، حتى نقول ان تغييراً فعلياً قد حدث.

الحكومة امامها نقاشات الثقة ثم الموازنة ، وبعد ذلك فض الدورة العادية ، ولا احد يعرف متى ستكون هناك دورة استثنائية ، ولجنة الحوار الوطني حول قانون الانتخابات ، تريد الارتحال الى المحافظات ، لسماع رأي المواطنين ، وهذا يعني ان القصة طويلة.

ما لا يمكن انكاره هو ما فعله رئيس الحكومة بشأن بعض الملفات ، واتخاذه قرارات مهمة ، حتى لا نحبط الرئيس ، غير ان بقية القضايا دخلت تحت تأثيرات حرف السين ، ولعناته التي تأخذك الى التأجيل وشراء الوقت ، الى ان يقضي الله امراً كان مفعولا.

في برامج الحكومات السابقة ، تأتي عقدة حرف السين ايضاً ، فنجد كل برنامج حكومي يحوي عشرات التعهدات تبدأ بحرف السين مثل "ستقوم الحكومة ، ستتقدم الحكومة ، ستفعل الحكومة ، ستدرس الحكومة ، ستجلس الحكومة ، ستقف الحكومة" الى آخر هذه المفردات.

السؤال المطروح: منذ عشر سنوات ونحن نلف حول انفسنا ، كالدائخين ، او كالذي يشارك في زار سياسي ، ولو كانت هناك نية اصلاح حقيقية ، لوجدت الحكومات ما تقدمه مباشرة للناس ، دون تحويلنا الى حرف السين ، والمستقبل المفتوح على كل الاحتمالات.

ليس ادل على ذلك من قانون الانتخاب ، الذي ليس بحاجة الى جولات في المحافظات ، لان ارشيف ديوان التشريع ورئاسة الوزراء فيه ألف ورقة ورأي حول التغييرات المطلوبة ، وبالامكان صياغة قانون توافقي ، ضمن الحد الادنى دون الغرق في دوامة الحوارات.

مادامت كل المشاكل معروفة ، وكل المطالب واضحة ، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، فلماذا لا تتخلص الحكومات من عقدة حرف السين وتعلن مباشرة انها قررت كذا ، وانها تتقدم بكذا ، بدلا من الهروب الى المستقبل ، والمراهنة على الزمن وتغيراته.

كلما ارى حرف السين في بيان وزاري او تصريح رسمي ، او برنامج حكومي ، اضع يدي على قلبي ، لان حرف السين يقول لك الكثير ، وبدلالة الحرف تقرأ الذهنية الحكومية التي تخاطبنا ، في زمن بات حساساً ، وللوقت كلفته وثمنه ايضاً.

للسين عقدة ، خصوصاً ، حين يظن محبرّوها ان سحرها ما زال مؤثراً،.

الدستور