عام مربك.. واستمرار عدم اليقين

عام مربك.. واستمرار عدم اليقين
الرابط المختصر

انتهى النصف الأول للسنة المالية 2013 والمؤشرات الاقتصادية المحلية، بوصف عام، أقرب إلى التقلبات منها إلى الاستقرار أو التحسن.

ويمتد هذا التقييم على مجمل الاقتصادات العربية، لاسيما في الدول التي شهدت احتجاجات الربيع العربي، بدرجات متفاوتة.

يبدو وصف وزير المالية أمية طوقان، لمؤشرات الاقتصاد بأنها تعّبر عن مرحلة استثنائية، وصفا دقيقا. وقد جاء ذلك خلال إقرار الموازنة العامة للدولة.

أما اليوم، وقد انقضى نصف عام، فلا توقعات النمو على حالها، ومثلها التضخم. فيما عجز الموازنة، ومثله العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، تزايدا، ما رفع عبء المديونية.

هذا إضافة إلى هبوط الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحويلات العاملين في الخارج، والدخل من القطاع السياحي.

دع عنك هذا كله؛ إذ في النصف الثاني من هذا العام المربك لأي مخطط أو صانع قرار اقتصادي، فإن المستهلكين والحكومة والقطاعات الاقتصادية المختلفة، على موعد مع ارتفاعات محتملة في أسعار المياه والخبز، وقبلهما الكهرباء.

الأمر أكثر سوءا بالنسبة لدول عربية أخرى.

إذ يكشف المركز السوري لبحوث السياسات في تقريره عن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بأنّ تداعيات ما يحدث في سورية قد تسبب في إعادتها 35 عاما إلى الوراء، ضمن مؤشر التنمية البشرية.

واعتبر التقرير أنّ أكثر من نصف سكان سورية أصبحوا فقراء، وبلغ إجمالي خسائر الاقتصاد بسبب القتل والدمار ما يقارب 85 مليار دولار.

أما شبح الانهيار، فيظهر بشكلي جلي في تونس التي فقدت سوقها المالية الكثير من قيمتها بسبب تجدد التوتر في البلاد، علاوة على انخفاض حجم التدفق النقدي المتأتي من السياحة، خلال النصف الأول من هذا العام، بما لا يقل عن 40 %. ومثله التراجع الكبير في الحركة التجارية؛ تصديرا واستهلاكا، في موازاة تفاقم أكبر لمشكلتي الفقر والبطالة.

وأعتقد أن تدهور الحالة في الشارع بعد اغتيال النائب محمد البراهمي، ستقود الى مزيد من الخسائر، لاسيما أن مطالبات حل المؤسسات والكيانات التي تشكلت بعد الثورة ماثلة صباح مساء.

ولا يخفى على أحد أن الاقتصادين الليبي واليمني يتأرجحان تحت وطأة ضغوط ضعف الحالة الأمنية، وغياب الخطط، واستمرار حالة عدم اليقين في هاتين الدولتين على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وبشكل أكثر خطورة وتأثيرا ضمن المسار الاقتصادي.

المؤشرات المقلقة والخسائر تبدو أكثر اتضاحا في مصر التي يعاني اقتصادها من تعطل شبه واضح في أكثر من قطاع تجاري وصناعي وخدمي، خاصة في السياحة التي شهدت تراجعا كبيرا.

وتذهب التقديرات غير الرسمية إلى أن خسائر الاقتصاد المصري من الاعتصامات والاحتجاجات التي تتزايد، منذ اندلاع الثورة على نظام حسني مبارك وحتى اليوم، تصل إلى ما يقارب 100 مليار جنيه.

ويبدو الأثر الاكبر الذي انعكس سلبا على الاقتصاد المصري في جانب تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار إلى نحو 7.2 جنيه لكل دولار، ما أثر وما يزال على أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة، مثل الغذاء والطاقة، ورفع أسعارها.

في ظل هذه الظروف القاسية، على المخططين أن يؤسسوا لبرامج مرنة، تسعى إلى التكيف المرحلي مع كل هذه التهديدات التي تلحق بكل بلد على حدة، وبالمنطقة كلها.