طوابير الدعم .. لنحفظ كرامة المواطنين

طوابير الدعم .. لنحفظ كرامة المواطنين

التقرير الذي بثه التلفزيون الاردني يوم الاحد الماضي حول استقبال مكاتب البريد لالاف المواطنين الذين يسعون لتعبئة طلبات الدعم يثير الحزن والاسى على تلك المشاهدات المؤلمة حول تهافت الصغار والكبار على ابواب البريد.

تحدث البعض من انه امضى معظم يومه للحصول على نموذج للدعم ، واخر امضى ساعات ولم يجد نموذجا لذلك ، واخرون قالوا ان هناك سوقا سوداء بجانب مكاتب البريد بدات تظهر لبيع نماذج الدعم التي اعدتها وزارة المالية ، وهناك ارامل وكبار السن يقفون في طوابير طويلة وازدحام شديد للحصول على نموذج الدعم.

تلك المشاهد لا تدلل سوى ان وزارة المالية لم تقم باعداد درسها جيدا حول تقديم الدعم النقدي الى مستحقيه ، وعلى ما يبدو انها كانت تعد لسيناريوهات مؤجلة للدعم الا انه ونتيجة الضغط الشعبي وتنامي حالات الاحتجاج اضطرت للاعلان عن بدء استقبال طلبات الدعم اعتبارا من يوم الاحد للدفعة الاولى ، وهو ما جعل جميع ترتيباتها في مهب الريح .

اذا كان المواطن الاردني يتحمل رفع الاسعار من اجل استقرار الوطن وحماية مقدراته ، فان الحكومة مطالبة هي الاخرى بتكريم هذا المواطن الذي طالما دفعت جيوبه ثمن الهدرالمالي الرسمي والانفاق غير الرشيد للحكومات ، وحمل على اكتافه فشل السياسات الاقتصادية الرسمية في السنوات الماضية.

ينبغي ان تحرص الحكومة كل الحرص على ان لا تشعر المواطنين بذل العيش من خلال دفعات الدعم النقدي ، فكرامة الاردنيين فوق كل شيء ، والحقيقة ان غالبيه هؤلاء المستحقين للدعم لا يملكون سوى تلك الكرامة .

المشاهد التي نقلتها وسائل الاعلام المختلفة والفضائيات لطوابير وازدحامات كبيرة لمئات المتجمعين حول مراكز البريد ستعطي انطباعات سلبية حادة لمكانة الاردنيين في بلدهم ، والواقع انه لو قام مسؤولو وزارة المالية بجولات تفقدية ، لاهتزت مشاعرهم من تهافت المواطنين بشكل يثير الشفقة حقيقة .

هذه دفعة من ثلاث دفعات ستقدم للمواطنين كل اربعة اشهر ، وتكرار تلك المشاهد وعدم معالجتها ستثير استياء واحتقان الشارع من جديد، فلا يعقل ان تشتغل وسائل الاعلام بالتقاط صور العجائز والارامل وهم في طوابير الدعم وكانهم يستجدون «لا سمح الله» من الحكومة معونة مالية .

الحلول كثيرة لمعالجة تشوهات تلك المشاهد المؤلمة ، لعل ابرزها تقديم الدعم ضمن راتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين ومستفيدي صندوق المعونة الوطنية ، فجميع المعلومات العائلية مسجلة في اجهزة الدولة ، والامر لا يحتاج الى تمحيص او احصاء جديد .

اما موظفي القطاع الخاص فيتم تقديم الدعم لهم من خلال شركاتهم واماكن اعمالهم ومن ثم يتم التقاص مع الحكومة في وقت يحدد بعد ذلك ، في حين تخصص مكاتب البريد للاسر التي لا تعمل نهائيا لا في القطاع الخاص ولا العام.

بما ان قرار رفع الاسعار غير شعبي ، فلتعمل وزارة المالية على تبسيط اجراءاتها وتسهيل معاملات المواطنين بشكل مرن لا يزيد احتقان الاردنيين في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، حتى لا يشعر المواطن بان اجراءات الحكومة اجراءات ل «تطفشهم» بخلق اجواء ومناخ لا يناسب طبيعتهم ولا يحافظ على مشاعرهم.

الرأي

أضف تعليقك